كتبت الهام سعيد فريحه :
ما كان تقديرات قبل قمة هلسنكي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، أصبح حقيقةً بعدها.
قبل القمة قدَّر معظم المحللين أنَّ الملف السوري مفتوحٌ على مصراعيه على طاولة الجبَّارين في هلسنكي، لم يكن الأمر مفاجئاً، المفاجأة كانت في السرعة الروسية، إذ ما إن انتهت القمة حتى فاجأت روسيا العالم بالإعلان عن خطة لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتحديداً إلى المدن والبلدات والقرى التي كانوا فيها قبل اندلاع الحرب السورية في آذار 2011.
الخطة الروسية تستهدف أولاً الدول التي فيها اكتظاظ نازحين أي لبنان والأردن وتركيا، ولهذا فإنَّ الوفد الروسي زار أولاً الأردن ثم لبنان، ومنه توجَّه إلى تركيا.
في لبنان خاطب الموفد الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف الرئيس ميشال عون قائلاً:
يمكن الإعتماد على دعمنا وهذه رسالة الرئيس بوتين إليكم.
كان ذلك في قصر بعبدا في حضور الجانبين اللبناني والروسي.
وأبرز ما خاطب به رئيس الجمهورية الجانب الروسي، أنَّ البدء بإعادة النازحين لا يُلغي حقَّ لبنان في تعويضه عن الخسائر التي تكبدها في كلِّ مرافقه وبناه التحتية، والتي فاقت العشرين مليار دولار، من جراء هذا النزوح على مدى سبعة أعوام ونصف العام.
الجانب الروسي كان متفهِّماً، لكن الأولوية بالنسبة إليه هو الحفاظ على سوريا موحدة، مما يعني إعادة النازحين إلى قراهم وبلداتهم وليس فقط إلى بلدهم. وبهذا يكون الجانب الروسي قد أسقط نظرية التطهير الطائفي والمذهبي، لكن مع ذلك فإنَّ القضية ما زالت في بداية الطريق.
أما الآلية العملية لِما حمله الجانب الروسي، فهي تشكيل لجان مشتركة لبنانية – روسية وأردنية – روسية وتركية – روسية، تشرف عليها لجنة مركزية تدير وتنسّق عملية إعادة النازحين من هذه الدول.
بالنسبة إلى لبنان، فإنَّ الرئيس سعد الحريري ناقش مع الوفد الروسي الذي زاره أولاً، أنَّ التمثيل عن الجانب اللبناني لن يكون على المستوى الوزاري، لئلا يُعتبر الأمر إتصالاً بالجانب السوري الرسمي.
وانطلاقاً من هذا الشرط فإنَّ رئاسة الوفد اللبناني ستكون للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتُرجِّح المعلومات أن يكون الجانب الروسي ممثلاً بسفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسبيكين، كما رجحت أن يكون الجانب السوري ممثلاً برئيس مكتب الأمن القومي.
الملف ما زال في أول الطريق، فلبنان والأردن يستقبلان كلاً منهما نحو مليون نازح، وتركيا نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح، ولكن العدد الإجمالي لكل النازحين السوريين في مختلف أنحاء العالم يبلغ نحو 6 ملايين ونصف المليون وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
هكذا يكون ملف النازحين السوريين قد دخل مسار التدويل ولم يعد شأناً محلياً، أما الأساس في هذه القضية فهو أن يكون الجانبان الروسي والأميركي على الخط ذاته في ما يتعلق بهذا الملف من خلال حزمة المقترحات والخطط.
إذا ما انطلق هذا الملف فإنَّه سيكون عنوان المرحلة المقبلة وبداية مسار طويل، لأنه ملف هائل وهو الأكبر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهذا ما تؤكده الأرقام حيث أنَّ هناك نحو 1.7 مليون لاجئ سيتمكنون من العودة:
من لبنان 890 ألف وهو الرقم المسجَّل لدى المنظمات الدولية، ومن تركيا 300 ألف ومن الأردن 600 ألف ومن الإتحاد الأوروبي 200 ألف.
وربما العدد من الإتحاد الأوروبي هو الذي سيُغري الدول الأوروبية لتقديم المساعدات لتمويل العودة.
إذاً، قطار العودة أطلق صفارته.