ماذا حقّقت زيارة الوزير عصام شرف الدين الى العاصمة السورية على مستوى التعجيل في عودة النازحين؟ وهل الاتفاق الثنائي يستطيع لوحده أن يدفع في هذا الاتجاه؟
توحي انطباعات وزير المهجرين عصام شرف الدين والمحيطين به بأنه عاد من سوريا وفي جعبته أكثر مما كان يتوقع، إذ وبدل الاكتفاء بمحاولة تأمين عودة 15 ألف نازح سوري شهرياً كما كان يقترح، سَمع من مضيفيه الاستعداد لاستقبال أي عدد مهما ارتفع، وبدل اختيار اماكن محددة حصراً لاستقبال العائدين، تبلّغ انّ كل المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة، وهي تفوق 80 بالمئة من مساحة سوريا، جاهزة لاستقبالهم وضمان كل مستلزماتهم.
ولكن المفارقة، انّ التفاهم المتقدم بين بيروت ودمشق حول أسس معالجة هذا الملف لا تكفي لطَيه، على رغم أنهما معنيان مباشرة به، ذلك أنه من الصعب تَوقّع عودة واسعة ما دامت المنظمات الأممية تواصل دفع مساعدات مالية بـ»الفرش» دولار للنازحين المنتشرين في مختلف الاراضي اللبنانية. وبالتالي، فإن اي نقلة نوعية على هذا الصعيد تتطلب إمّا وقف الدفع لتحفيز النازحين على الرجوع إلى وطنهم وإمّا تسديد المبالغ المخصصة لهم في الداخل السوري عقب عودتهم.
وبناء عليه، لا يزال موقف المجتمع الدولي يشكّل الحلقة المفقودة في خطة حل أزمة النازحين، ومن دون أن يغيّر هذا المجتمع مقاربته سيبقى إيقاع العودة بطيئاً.
وقد تبلّغ شرف الدين من وزير الإدارة المحلية حسين مخلوف انّ سوريا معنية بكل ابنائها النازحين ولا تقبل حصر نسبة العائدين بـ15 الف شخص فقط في الشهر، مشدداً على أن حكومة بلاده تستطيع ضمان جميع متطلباتهم الضرورية من إيواء واستشفاء وتعليم وصولاً الى إيجاد فرص عمل لهم، ولافتاً الى انّ القيادة السورية حريصة على ضمان حياة كريمة لهم «انطلاقاً من انها تعتبرهم شركاء في عملية النهوض وليسوا عبئاً كما يوحي البعض».
كذلك، أكد وزير الداخلية السوري اللواء محمد الرحمون للزائر اللبناني الاستعداد التام لتقديم كل المرونة الادارية والاجرائية المُمكنة من أجل تسهيل عبور النازحين عبر الحدود في ما خصّ الأوراق الثبوتية ومسألة الولادات وغيرها من الأمور، «وحتى لو كان الباسبور قديماً ومُنتهي الصلاحية سيتمّ التغاضي عن الأمر من باب الوصول في الايجابية الى أقصى حد».
وشدد وزير الداخلية على ان الوضع الامني مُستتب في المناطق التي تسيطر عليها الدولة، إضافة إلى توضيحه المتكرّر بأنه لن تكون هناك ملاحقات امنية لأحد الّا في حالة الدعوى الشخصية او التورط بالارهاب.
وعُلم انه ومن أصل 532 مركز إيواء لم يتبقّ قيد التشغيل سوى 58 مركزا تضم نحو 21 الف نازح، بعدما عاد الآخرون الى منازلهم التي تم ترميمها. وبهذا المعنى، فإن المراكز الكثيرة التي فرغت يمكن استخدامها فوراً لاستقبال اي دفعات جديدة من النازحين في انتظار استكمال ترميم منازلهم.
وسمع شرف الدين من الطرف السوري انّ لديه كامل الجهوزية لإزالة اي عائق قد يعترض التعجيل في عودة النازحين.
وفي ما خصّ الاقتراح بتشكيل لجنة تنسيقية تضم لبنان وسوريا والجانب الاممي، عُلم انّ الوزير مخلوف اعتبر انّ على الامم المتحدة والمنظمات المعنية تحديد دورها وأهدافها، «ثم على ضوء رغبتها في الشراكة الفاعلة مع الدولتين اللبنانية والسورية، تتحدّد صيَغ العمل ضمن هذه الشراكة».
أمام هذه الوقائع، يلفت المواكبون لتطورات أزمة النازحين الى انّ الدولة اللبنانية يجب أن تلاقي الايجابية السورية بقرارات عملية، مشيرة الى انه باتت توجد ضرورة مُلحّة لعقد اجتماع في قصر بعبدا بمشاركة كل من له صلة بهذه القضية، على جميع المستويات، بغية وضع آلية تنفيذية تسمح بتفعيل العودة قدر الإمكان، في انتظار نضوج القرار السياسي الدولي بالافراج عن الحل الجذري.