Site icon IMLebanon

عودة العسكر…

بعد سنة واربعة اشهر، من الاسر في المغاور والانفاق، وبعد مرور الفصول الواحد تلو الآخر حاملة معها لهيب الصيف، وصقيع الشتاء، خرج اخيرا الى نور الحرية وضوء الفرح، ستة عشر لبنانيا، لينعموا مجددا بدفء العائلة والوطن، وبرعاية الدولة التي اقسموا بالله العظيم وبالعلم اللبناني على حمايتها وصيانة حدودها والمحافظة على امن الناس وسلامتهم، والاهم من كل هذا استردوا نعمة الحرية التي افتقدوها طول هذه المدة.

الفرحة بتحرير العسكريين الـ16 التي عمت كل لبنان، وجميع الطوائف، لم تحجب طبعا الغصة والالم لاستمرار اسر تسعة عسكريين، ما زالوا تحت رحمة تنظيم «داعش». والامل في ان لا تطول غيبتهم، وان تضاعف الجهود الداخلية والخارجية لاعادتهم الى وطنهم وعائلاتهم، ورفاقهم الذين سبقوهم الى الحرية.

مما لا شك فيه ان اسر العسكريين على يد تنظيمات ارهابية متطرفة، شكل مأساة كبيرة لهم ولاهلهم ولمؤسساتهم، وللدولة اللبنانية، غير الحاضرة ولا المهيئة، والمعدومة الخبرة في مثل هكذا حالات، فهذه التنظيمات لا تسمع ولا تقيم وزنا لا للتشريعات الدولية، ولا لشرعة حقوق الانسان تحديدا، ولا للبروتوكولات التي تحدد كيفية معاملة الاسير، ولا للمنظمات الانسانية التي تتابع وضع الاسرى وتزورهم وتنقل رسائل بينهم وبين اهلهم، وكان واضحا وبعد هذه التنظيمات عن كل هذه المعايير الانسانية، بدليل اقدامها على اعدام خمسة عسكريين اما ذبحا او بالرصاص، من دون اي سبب، بل فقط للضغط على الحكومة اللبنانية، فتحول الاسرى الى رهائن للضغط والابتزاز والترهيب، كما تم استغلال مشاعر اهل العسكريين الرهائن وخوفهم على ابنائهم، بالضغط عليهم للتظاهر وقطع الطرقات والاعتصام، من ضمن سياسة ارباك الدولة والحكومة والمكلفين بملف الاسرى العسكريين.

***

اذا كان هذا اليوم السعيد، باطلاق ابنائنا العسكريين الـ16، ليس يوما للمحاسبة على تأخير او خطأ في التصرف، او اهمال غير متعمد، الا انه يوم لاخذ العبرة والدرس اللازمين، حول كيفية التعامل مع هكذا حالات شاذة، خصوصا وان الجيش اللبناني والقوى الامنية الحدودية، تخوض حاليا مناوشات مع هذه التنظيمات المرابطة قريبا من حدودنا، قد تتحول سريعا الى حرب مفتوحة او معارك متواصلة، لا يعرف متى وكيف واين، يقع جندي اسيرا لدى احد هذه التنظيمات، ويقتضي التعامل مع مثل هذه الحالة بشكل مختلف عما جرى سابقا، وهذا الامر يتطلب انشاء خلية ازمة متطورة، يجري انتقاء عناصرها وتدريبهم تدريبا جيدا على التفاوض من جهة، واخذ المواقف الضرورية من جهة ثانية، من منطلق اولوية الحفاظ على حياة الاسير، والحفاظ على كرامة الدولة وهيبتها، بدلا من اللجوء الى الوساطات الداخلية والخارجية، وترك الايام تمر، وجرح الاسرى والاهل والوطن يكبر ويتسع.

المجد والخلود لشهداء الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، ممن استشهدوا في ارض المعركة، او على يد الجلادين اعداء الحرية والانسانية، والف اهلا وسهلا بعودة العسكر الذين حافظوا على ايمانهم بالله وبوطنهم، بمثل ما حافظوا على شعارهم «شرف، تضحية، وفاء» وعودة قريبة باذن الله، للجنود التسعة الى الحرية واهلهم ورفاقهم ووطنهم