IMLebanon

عودة الابن الضال: نتنياهو

لا يمكن فصل التحول الجذري في مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما عن التغييرات الهائلة التي تشهدها المنطقة عموماً والساحة الإسرائيلية في ظل الهبّة الفلسطينية.

أسباب كثيرة فرضت على نتنياهو التخلي عن انتقاداته الموجهة الى سياسة أوباما في سنته الأخيرة في البيت الأبيض، والعودة من جديد الى الحضن الدافئ للعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، في طليعتها حاجة إسرائيل الماسة الى المساعدة العسكرية الأميركية السخية لمواجهة ما تعتبره تصاعداً كبيراً للمخاطر الأمنية والتهديدات الاستراتيجية التي تواجهها. هذه المساعدة التي تطالب إسرائيل برفعها من ثلاثة مليارات دولار سنوياً إلى خمسة، هي الضمانة الاساسية في نظر إسرائيل للمحافظة على تفوقها العسكري النوعي في منطقة شديدة التقلب والغليان.

السبب الثاني أن الاتفاق النووي مع إيران الذي شكل موضوعاً للخلاف مع إدارة أوباما قد تحول حقيقة منتهية لا جدوى عملياً من معارضته، وشعور نتنياهو بأن عليه معالجة الضرر الذي لحق بالعلاقات الوثيقة بين البلدين جراء انتقاداته لسياسة أوباما التصالحية مع إيران. ففي نظره أن ثمة آخراً اليوم مصدره إيران غير برنامجها النووي هو موقعها الجديد في سوريا، وتحالفها العسكري مع روسيا دفاعاً عن نظام الأسد. وأياً كان الرهان الإسرائيلي على العلاقة الجيدة مع روسيا، فإن أي انجاز عسكري أو سياسي يمكن ان يحققه التحالف الروسي – الإيراني في سوريا لا بد أن يترجم في رأيه ضد إسرائيل وأن يعزز موقع إيران التي لم تعد في حاجة الى خوض حرب بالواسطة مع إسرائيل بل باتت قواتها منتشرة فعلاً على الحدود السورية – الإسرائيلية، مع امكان ربط جبهة الجنوب اللبناني وجبهة الجولان، مما يشكل تغييراً كبيراً في المواجهة الدائرة بينها وبين “حزب الله”.

ومن أسباب التبدل في مواقف نتنياهو حاجته الى الدعم الأميركي حيال المجتمع الدولي وخصوصاً في ظل الهبّة الفلسطينية الشعبية الأخيرة، وتزايد التحركات الدولية المنددة باستمرار الاحتلال الإسرائيلي، وتصاعد حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل، وآخرها قرار الإتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية. لهذه الغاية تعهد نتنياهو أمام أوباما التزام حل الدولتين، واعلانه عزمه على القيام بخطوات أحادية الجانب في الضفة، ودفاعه عن سياسة ضبط النفس التي يمارسها في مواجهة الاحتجاجات الفلسطينية.

في الأيام الأخيرة سعى نتنياهو الى الظهور مظهر السياسي المعتدل أمام أوباما، لكن وجهه الحقيقي برز من خلال أجهزته الأمنية التي كانت في ذلك الوقت تعتقل أولاداً فلسطينيين وترهبهم وتخيفهم كما لو كانوا من كبار المجرمين.