IMLebanon

عودة الروح بعودة المتفائل

بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، والى الدور القيادي الذي لم يتمكَّن أحد من ملئه، عادت أمور كثيرة. وعادت آمال غيّبتها غيبة رجل الاعتدال والتروّي والتحاور. مثلما عاد الروح الى الساحة السياسيَّة، والتعامل السياسي، واللغة السياسيَّة التي حلَّت محلها لغة التحدّي، والتهديد، والوعيد، والحرتقة، ووضع العصي في دواليب الدولة والبلد والاقتصاد ودورة الحياة العامة.

لقد شعرت بيروت ببعض الأمل والتفاؤل والارتياح. ووعد الناس أنفسهم بانفراجات وتطورات ايجابيَّة لا بدَّ أن يحققها وجود داعية الاعتدال واللجوء الى أساليب اللعبة الديموقراطيَّة البرلمانيَّة، التي “طفشت” بعد هجمة رماح الأصابع، ومدافع الأصوات، والحروب المرسلة عبر شاشات التلفزة والحناجر المتفجّرة.

للحال، ومنذ اللحظة الأولى شعر الناس أنَّ مرحلة التوتُّر والتصعيد تلملم أطراف النهاية مع ذيول الخيبات، لتفسح في المجال لمرحلة جديدة تحمل في طيَّاتها وتفاصيلها تباشير الخير والتغيير.

كيف لا، وللمرة الأولى يسمع اللبنانيّون مرجعاً كبيراً يعلن على الملأ رفض القفص الطائفي، ورفض الانجرار الى التصعيد، والسعي على أوسع نطاق ومع مختلف الفئات والقوى في سبيل انقاذ البلد من لجَّة الفراغ الرئاسي؟

هذه هي صورة لبنان، ولغة السياسة والتخاطب والأخذ والردّ في هذا اللبنان الذي التهمته أحداث لم تكن تخطر في بال، وهذا جوهر تميُّز بلد الثماني عشرة طائفة، والتركيبة النموذجيَّة التي غلبت جميع الذين حاولوا، وما زالوا، التغلُّب عليها وفرطها.

محاولات تخريبيَّة، تقسيميَّة، تهديميَّة، بُذِلَت من قديم الزمان ولا تزال حتى الساعة، غير أن وجود عقلاء وحكماء في اللحظة المناسبة، وعلى غرار لحظة عودة الرئيس الحريري في قمة المرحلة الصعبة، مرحلة التعقيدات المتشعبة داخلياً وعربيّاً وخارجيّاً، كفيل دائماً باجتياز المحن.

ولكي يضع الجميع في دائرة اهتماماته وما يسعى اليه، كرّر الحريري التأكيد: “صحيح أننا نمر في مرحلة دقيقة ولكننا نسعى لانتخاب رئيس للجمهورية”. فاستمرار الفراغ هو مصدر الخراب الكبير بالنسبة الى لبنان، ونظامه، وصيغته، ووجوده.

المهم الوصول الى مخرج، الى حل، الى اتفاق يلتقي حوله الجميع، في سبيل انتاج تسوية سياسية رئاسيَّة في أقرب وقت ممكن: “اننا نخاف على لبنان، وحريصون عليه، ونقتدي بمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي رفض رفضاً مطلقاً إنشاء أي ميليشيا، وأصرَّ على تعليم الشباب وتسليحهم بالعلم والمعرفة بدلاً من انخراطهم في الميليشيات”.

غير أن عودة المتفائل سعد الحريري أضفت بدورها جواً تفاؤلياً على البلد المعطَّل والمشلول، وقالت للناس إن لبنان قادر على النهوض بتماسك أبنائه الطيّبين المتمسكين بصيغة العيش المشترك.