مسؤولون أميركيّون للمعارضين: لا “فيتو” لدينا على أحد… واذهبوا للحوار
تتسارع الأنباء الإيجابية القادمة من الجبهة الإيرانية – السعودية، بعد الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان، والسعودية فيصل بن فرحان، الذي يُعلن العودة القريبة للتبادل الديبلوماسي وإعادة فتح السفارات، مع وجود معلومات تتحدث عن أن شهر رمضان سيشهد هذه العودة، وسيشهد تقدماً كبيراً في تنفيذ الاتفاق الموقع في الصين، فأين لبنان من كل ما يجري؟
تتبادل إيران والسعودية رسائل التهنئة والمحبة والرغبة بالتقارب، ويتبادل حلفاء الدولتين في لبنان الإتهامات بالتعطيل والفوضى والفراغ، فما يجري في لبنان حالياً على الصعيد السياسي يُظهر وكأن لبنان جزيرة معزولة عن محيطه، مع العلم أنه ليس كذلك، لكن الوضع فيه يشهد تعقيدات تجعل البعض في حالة انتظار ومراوحة.
في الخارج يُريدون من اللبنانيين أن يقرروا ما يُريدون في الملف الرئاسي، وهذا ما أكده السعوديون منذ اللحظة الاولى لتوقيع الإتفاق، وهذا ما يُطالب به الأميركيون الذين عبروا بوضوح عن عدم وجود أي مشكلة لديهم بإسم الرئيس ما دام برنامجه وسياسته مؤاتية لأميركا، وأيضاً الإيرانيون، إذ أكد امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله مراراً أن المطلوب تحرك داخلي رئاسي، دون التعويل المطلق على الخارج، ومثله فعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لطالما كان من دعاة الحوار الداخلي لتمهيد الطريق أمام الحلول التي تأتي من الخارج، لكن كل ذلك لم يبدّل بموقف المعارضة التي لا تزال تعتمد سياسية “صفر” اجراءات، والتي بدأت باعتمادها منذ لحظ توقيع الاتفاق السعودي – الإيراني.
لا شكّ أن صدمة التقارب الإيراني – السعودي تُرخي بظلالها على “أعداء” إيران في الداخل اللبناني، فبالنسبة لهؤلاء، ومنهم من ذهب بعيداً فأنشأ مجلساً لمحاربة الإحتلال الإيراني في لبنان، كانت الدول الخليجية قريبة من تبنّي إيران عدواً بدل “إسرائيل”، لكنهم اليوم يجدون أنفسهم أمام واقع جديد غريب، لم تظهر كل تداعياته بعد.
بعد التقارب مع إيران، جاء التقارب مع سوريا أيضاً، وهو ما زاد طين القوى المعارضة بلّة، خاصة في ظل وجود خشية دائمة لدى هؤلاء من عودة النفوذ السوري الى لبنان من جديد، واستعادة معادلة “السين – سين” التي حكمت لبنان منذ اتفاق الطائف حتى العام 2005، وبالتالي، هم جامدون غير قادرين على المبادرة بانتظار فهم ما يجري، فهم يخشون من أن يكون تحركهم معاكساً لرغبة حلفائهم بالخارج، كما حصل عام 2016.
ترى مصادر قيادية في فريق 8 آذار أن على قوى المعارضة أن تتحرك رئاسياً، فاليوم هناك دعوة للحوار معها، وهذا لوحده كفيل بأن يكون ضمانة لها بأن يكون لها دورها في الملف الرئاسي، داعية هذه القوى لعدم انتظار الحل من الخارج، لأنه بكل تأكيد سيكون على حسابها، لأن الحوار عندها سيكون بين فريقنا وبين هذا الخارج. وتُشير المصادر الى أن القوى المعارضة سمعت كلاماً واضحاً من مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى زاروا لبنان مؤخراً يقول بأن لا “فيتو” أميركياً على أي إسم للرئاسة، وأن الأميركيين يشجعون على الحوار سريعاً.
وتعتبر المصادر أن قلق القوى المعارضة لا يجب أن يأتي من سوريا، لأن لا عودة لسوريا الى لبنان، ولا حتى عودة لزمن فرض قراراتها على اللبنانيين، فسوريا ومنذ فترة طويلة تسلّم بحزب الله في لبنان ولا تتدخل فيه، بل يجب أن يكون القلق من الأميركيين الذين يخرجون منذ هذه المنطقة تدريجياً، وبالتالي يجب على هذه القوى أن تفكر ملياً بمستقبلها وخياراتها، والتسليم بضرورة الحوار مع باقي اللبنانيين، والوصول الى حلول جذرية بمساعدة الاتفاقات الإقليمية، وإلا سيكون مصيرها مزيد من الضعف والتشرذم.