مساعي تفعيل مجلس الوزراء «باردة»
يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما رئيس الحكومة تمام سلام، الى اعادة تفعيل عمل الحكومة مطلع العام المقبل، بعدما مرت «عاصفة النفايات» في الجلسة اليتيمة التي عقدت مؤخرا، بأضرار كثيرة، سياسية وبيئية ومالية، جراء رفض خيار المطامر الصحية واعتماد الترحيل الى الخارج بكلفة عالية، ولكن يبدو ان «عاصفة التفعيل» لن تكون قوية كفاية كما يظهر حتى اليوم، بما يؤمن فعلا توافقا سهلا على اعادة جلسات مجلس الوزراء، طالما ان الاستحقاق الرئاسي مؤجل او متأخر الى أجل غير معلوم.
ويؤكد كل من وزير البيئة محمد المشنوق ووزير شؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«السفير» ان جلسة اقرار خطة ترحيل النفايات كانت «حالة استثنائية» فرضتها الضرورات الملحة، بعدما وصلت مخاطر الازمة الى طاولة الحوار النيابي الوطني، فجرى التوافق على عقد الجلسة، على امل ان تليها جلسات اخرى لاقرار الكثير من البنود والقضايا العالقة.
لكن حتى خطة ترحيل النفايات لم تمر مرورا سهلا بعدما تحفظ عليها وزراء مُكَوِّنَين اساسيَّين هما «التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب» كلّ لأسبابه، الا ان تحفظ وزراء «التيار الحر» استُتبِع برفض عقد اي جلسة وزارية اخرى قبل العودة الى آلية العمل المتفق عليها لاتخاذ القرار في الحكومة او التوافق على آلية عمل جديدة، بعد المشكل الذي تسببت به قضية التعيينات الامنية وتأخير تسريح الضباط القادة وادى الى تجميد الجلسات من شهر آب الماضي. ويبدو ان موقف التيار ما زال هو ذاته: «لا عودة الى الجلسات قبل تصحيح الخطأ»!
ويلخص وزير التربية الياس بوصعب لـ «السفير» الموقف بجملة واحدة: هناك آلية عمل لاتخاذ القرار متفق عليها، يجب ان تعود. وحتى اليوم لا شيء تغير.
ومع ان «حزب الله» غير مشارك في التحفظ على استئناف جلسات مجلس الوزراء ومتفهم لضرورة تسيير امور المواطنين والدولة، الا انه في الوقت ذاته ما زال يراعي حليفه البرتقالي، وان كان يحاول التصرف كجانب وسطي لمعالجة المشكلات القائمة.
وفي هذا المجال يقول الوزير فنيش: ان طاولة الحوار الوطني اتفقت في الجلسة الاخيرة على تفعيل عمل مجلس الوزراء، لكن الوزير جبران باسيل طالب «بتصحيح الخطأ او القرار الذي ادى الى تعطيل اعمال مجلس الوزراء»، واتفق وقتها على ان تتم معالجة هذه المشكلة عبر ايجاد مخرج ملائم، لكن حتى اليوم لم يحصل اي بحث تفصيلي بالموضوع ولا على وسيلة معالجة المشكلة، لكن بعد الاعياد ستطرح القضية للبحث لايجاد المخرج الملائم، فلا يجوز ان تستمر حالة التعطيل قائمة.
ويرى الوزير المشنوق انه لا يبدو ان هناك في الافق شيئا عاجلا يشي بقرب التوصل الى تفاهم على تفعيل الحكومة، لكن ترك الامور للضرورة فتعقد جلسة طارئة او استثنائية حسب رغبة هذا الفريق السياسي او ذاك وحسب الحالة الملحة، امر لا يجوز ان يبقى قائما، كما ان التعطيل الاستنسابي للجلسات لا يجوز، إذ نقبل بعقد جلسة لهذا الامر ونرفض عقد جلسة لأمور أخرى. وعدم تفاهم المكونات السياسية في الحكومة على امر ما يجمد عمل الحكومة، وتفاهمها على امر آخر يسهل عملها فتعقد جلسة سريعة، هو أمر غير مقبول.
وتعتقد مصادر وزارية اخرى ان الصيغة المعمول بها اليوم هي استيعاب الوضع وتبريده لحين تسنح الفرصة المناسبة لطرح المخرج الملائم، كي لا تذهب الامور الى انفجار سياسي اذا طرح اليوم انعقاد الجلسات بلا تفاهم سياسي مسبق. وهناك اليوم نوع من توازن دقيق بين الضرورة والحاجة وبين ايجاد الظرف المناسب لايجاد الحل.