تدخل البلاد أسبوعها الرابع على وقع شارع يتصاعد غضبه يوماً بعد يوم لأنه بات مدركاً أن طريق الخلاص طويل، فهو يواجه أطرافاً سياسية هي أكثر عناداً منه في عدم التنازل عن مكتسباتها وعدم السماح لأي ظرف طارئ في البلاد أن يحجّم من قدراتها على التحكم بالقرار اللبناني.
المشهد اللبناني في اسبوعه الرابع وكأنه في أسبوعه الاول، النفق مظلم وسط غياب تام لحلول جذرية توقف النزيف السياسي والاقتصادي والمالي، شاشات التلفزة منقسمة بين من يدعم الثورة ومن يخفف من وهجها حفاظاً على رموزه السياسية التي فشلت في إدارة البلاد. المحللون الاقتصاديون “على مد عينك والنظر” ولا جديد في التحليلات سوى الخوف من الانهيار شبه الحتمي. اطلالات السياسيين “علك ورغي” لأفكار ترمي الحجج على معطلين من فريق آخر، في معركة محاربة الفساد وهي حجج ولى عليها الزمن ولم تعد تستطيع مواكبة جيل السوشيل ميديا الذي بدأ محاسبتهم. اطلالات فارغة لرؤوس السلطة المتهاوية “بالجملة والمفرق” من دون منح الناس جرعات ايجابية.
يوميات الثورة بلا جديد من السلطة، في المقابل تظهر يومياً عذابات الناس جراء سياسات مافيا الحكم على مدى سنوات.
العنصر الجديد في حرب الاستنزاف وحرق الاعصاب هو دخول المصارف على يومياتنا كواجهة خلل في ثورة الشباب والجياع، فالمصارف باقفالها تارة وتقييد خدماتها، تخلق الذعر الفعلي لدى شعب اعتاد على الدلع المصرفي في ظروفه الطبيعية وبات يشعر أن الحرب الأهلية ربما كانت اقل خسارة على حياته من الحرب المصرفية الباردة التي يعيشها اليوم، خصوصاً أن الحل لن يأتي من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مهما حاول التخفيف من التشنج والخوف انما الحل الفعلي هو سياسي ويتحكم به الرئيس ميشال عون و”حزب الله”. الاستنزاف سيد الموقف في اسبوعه الرابع فالشارع يحافظ على وتيرته التصاعدية في الاعتراض والثبات على المطالب فقد بات عنصراً تعطيلياً فعلياً يعترض أهل السلطة. في المقابل، السلطة لا تتنازل عن حضورها السياسي في حكومة الإنقاذ المقبلة، “حزب الله” لن يعترف بالهزيمة للاميركي الذي يراه يحاصره هذه المرة في ملعبه اللبناني ويحاول قلب الموازين. عون رغم انه مدرك أن ما تبقى من عهده بحاجة إلى الانقاذ إلا أنه محاصر بذهنية الحالة الباسيلية التي تستمر باللعب بأدوات الماضي في توزيع الحصص وفرض الحضور النافر في حكومة الشعب المقبلة.
وحده الرئيس الحريري يقرأ دخول الشارع شريكاً جديداً في القرار، فيطرح ما يتناسب مع المرحلة من أجل الانقاذ. حبس الأنفاس حالة مشتركة يعيشها الجميع في ظل ضبابية لحلول محتملة في المدى المنظور، خصوصاً أن التدخلات الخارجية لم تتبلور بعد والكل يلعب على حافة الهاوية.