IMLebanon

الثورة لم تبدأ بعد… فهل يبقى الشارع “تحت السيطرة”؟

 

“متى تنجح الثورة”؟ سؤال نسمعه بين اليوم والآخر من اللبنانيين الذين يتمنون تحسن وضع وطنهم وعودته الى حياته الطبيعية. الثوار في الشارع يأملون الخروج منه بأسرع وقت شرط تحقيق مطالبهم. أمّا القوى الأمنية فبدأت تُستنزف. إلّا أنّ ما يشهده لبنان “حراك” عمره شهران فقط، ولا يراه البعض سوى مقدمة لثورة حقيقية عارمة تحاسب كل الفاسدين لأي جهة إنتموا، في حال استمراره. ووسط موجة التخويف، يبقى سؤال الساعة “هل من مخاوف أمنية حقيقية أو أنّ أمن الوطن مستتب؟”.

في حال أردنا مقارنة المخاوف بالواقع نرى أنّ كل الاحتمالات مفتوحة، لكن الشعب المنتفض، يؤكد على سلمية ثورته، مانعاً الجميع من العبث بأمن الوطن. وفي هذا الاطار، يُوصّف خبير أمني رفيع الواقع الحالي لـ”نداء الوطن” على أنه “حراك”، ويقول: “ما زلنا بعيدين كلّ البعد عن الثورة الفعلية التي تكون أكثر عنفاً ودمويةً ودماراً من الحراك الحاصل في الشارع اليوم. فاذا عدنا الى أشهر الثورات عبر التاريخ مثل الثورة الانكليزية (1660- 1642) لأسباب دينية وسياسية، الثورة المصرية أو العرابية نسبةً الى زعيمها احمد عرابي (1882 – 1881)، الثورة العربية ( 1925- 1916) ثورة التحرر العربي، الثورة الروسية ( 1923- 1917) ثورة الشعب ضد حكم القياصرة، ثورة فلسطين الكبرى ( 1939 – 1936) ثورة الفلسطينيين ضد الانتداب البريطاني، الثورة الصينية ( 1949- 1919) ثورة ضد المعاهدات غير المتكافئة، ثورة 23 يوليو ( 1970- 1952) ثورة الضباط المصريين ضد الحكم الملكي، الثورة الجزائرية ( 1962- 1954) ثورة ضد الاستعمار الفرنسي، الثورة اليمنية (1970 -1962) ثورة ضد المملكة المتوكلية، الثورة الاسلامية في ايران ( 1988- 1979)، ثورة الشعب الايراني ضد الملكية، والثورة السورية ضد نظام الحكم التي بدأت في الـ2011، نلاحظ في خلاصة ما ذكرناه آنفاً عن عمر الثورات وأهم أسبابها، أنّ عمر متوسط الثورات يناهز العشر سنوات، وبالتالي ما يشهده لبنان “حراك” لم ينضج بعد ليصبح ثورة”.

 

أمّا على المستوى الأمني، فأثبتت القوى الأمنية مجتمعةً حتّى الآن، بالرغم من تفاوت قدراتها وأعدادها أنّ الجيش اللبناني هو عمادها، وهو قادر على لجم الشارع المنتفض بدرجات متفاوتة حيث يلجم الخروقات في أماكن ويتركها في أماكن أخرى. لكن للقوى الأمنية قدرة محدودة على لجم الوضع في حال استمرار الحراك لفترة طويلة، بحسب ما يوضحه الخبير عينه، ويرى أنه “بعد استنزاف عديد وعتاد القوى الأمنية، سيبدأ التراخي إلى حد الفلتان. فكيف للعسكري الجائع أصلاً، أن يقف في وجه أخيه الجائع مثله؟ في المقابل، يمكن أن نقول إنّ الشارع مضبوط حتّى الساعة، ونسبة الفلتان لم تتخطَّ الـ20 في المئة، ويتبين للعيان أنّ شوارع “القوات اللبنانية”، و”حزب الله”، و”التقدمي الاشتراكي”، ما زالت مضبوطة بشكل حديدي، “قبة الباط” غالباً ما تكون مدروسة. ولكن الى متى يمكن أن يبقى ضبط الشارع تحت السيطرة؟

 

من جهة أخرى، تزايد الخوف في الفترة الأخيرة من بدء السرقات وعمليات النشل أو”التشليح” علناً، والتي يمكن أن تتطور لعمليات قتل بقصد السرقة. وهنا نتكلم عن بدء مرحلة جديدة من السيناريوات السوداوية التي يمكن أن تقف القوى الأمنية عاجزة أمامها في حال تفاقمها في أكثر من منطقة. والخوف الحقيقي يكمن من أن تنزلق المشهدية اللبنانية إلى مثل هكذا نزاعات دموية “من دون أن يعلم أحد إلى أين يمكن أن تصل الأمور”. وختم الخبير: “حزب الله” هو الجهة الوحيدة المسلحة في لبنان، الّا أنّ سلاحه لا ينفع في الداخل، وتجربة الحرب اللبنانية خير برهان على ذلك. وفي الحرب لا يوجد أي رابح، ومبدأ الربح والخسارة وسط الدم والدمار عند أولئك الذين لم يشاركوا يوماً في الحرب يندرج تحت إطار الجدل البيزنطي السخيف”.