إنتشرت تحليلات كثيرة امس الاول عن يوم الغضب، فلكل قراءته. تشعبت الآراء وتناقضت الاتهامات واضاع الثوار البوصلة، لكن مصادر وزارة الداخلية اكّدت لـ«الجمهورية» أنّ «الثوار السلميين انسحبوا بعدما لبس آخرون الطابع الدموي الذي شهدته بيروت امس الاول»، ولمّحت الى «أنّ وزارة الداخلية والوزيرة ريا الحسن تحديداً، رفضت رفضاً قاطعاً ما حصل هذا الاسبوع، وطلبت من اللواء عماد عثمان تكثيف التحقيقات، كذلك اتصلت بالمفتش العام في قوى الامن الداخلي، المسؤول عن كل ملفات الشكاوى التي رُفعت بحق رجال قوى الامن وطلبت التوسّع ومتابعة التحقيق الشفاف في الاحداث التي حصلت خلال 48 ساعة. وتواصلت مع المواطنة رفيف التي تُعالج في مستشفى AUH وابلغت الى الاعلاميين أنّها مصرّة على المحاسبة والمساءلة».
وكشفت المصادر نفسها، انّ اجراءات مسلكية عدة اتُخذت في حق بعض العناصر بعد احداث ثكنة الحلو وامس الاول وما قبله، ولا سيما منهم الذين خالفوا الاوامر.
وقالت، انّ وزيرة الداخلية سردت للممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش حين زارها مجريات الاحداث. ففي حين كشف لها علمه بوجود مندسين بين الثوار، شرحت في المقابل أسباب تعامل عناصر قوى الامن بالقوة مع بعض الثوار، عندما حاولوا دخول ثُكَن قوى الامن الداخلي عنوة، الأمر الذي دفع عناصر الامن الى المدافعة عن انفسهم، مؤكّدة انّ على اللبنانيين ان يدركوا ويعلموا اهمية المحافظة على هيبة الدولة من جيش او قوى امنية. وتساءلت، هل المطلوب ان تسكت القوى الامنية او الجيش؟ وهل المطلوب استباحة هيبة القوى الامنية والعسكرية لتقوم الثورة؟ وهل باستباحة القوى الامنية والجيش تنتصر الثورة؟ فتحكم الميليشيات».
وفيما اشارت المصادر الى «انّ وزارة الداخلية اعطت اوامرها بداية بعدم استخدام العنف إلاّ تدرجاً، لكن بعد الاصابات المتتالية العنيفة التي لحقت بعناصرها وبعد رصدها مجموعات مخرّبة، استقدمت معها قنابل المولوتوف وبدأت بالتكسير وتيقنت من نيّة هؤلاء التخريبية، تمنت على الثوار السلميين الانسحاب».
ولمّحت مصادر متابعة الى «انّ وزارة الداخلية لمست نيّات البعض احداث مواجهة سنّية ـ سنّية بعد تدحرج الوضع ودخول المحتجين الى المسجد، وطرح اسم اللواء أشرف ريفي على أنّه هو من أوعز الى جماعته للنزول الى الشارع، في وقت لاحظ البعض انّ ثوار الخندق الغميق لم يشاركوا في المواجهات، وكان ابرز المشاركين من بيروت وطرابلس وعكار والبقاع». لافتة الى انّ البعض ألمح الى مشاركة عناصر من «سرايا المقاومة» في مواجهات امس الاول.
ريفي
وفي السياق، أوضح اللواء ريفي لـ«الجمهورية»، انّ «الذي يريد شيطنة الثورة هو الذي يجرّها ويتّهمها بالنزاع المذهبي والطائفي». وأكّد «انّ كل القوى المضادة للثورة تسعى جاهدة لإجهاضها من خلال زجّها في نزاع سنّي ـ سنّي او نزاع شيعي ـ سنّي، وهي تعلم انّه بجرّ الثورة الى هذا النزاع او للمواجهة المسلحة ستنجح في اجهاضها». ووصف علاقته بالحريري بأنّها «جيدة وطبيعية، ونحن بعضنا لا ينافس بعض».
ويؤكّد ريفي «انّ قوى السلطة لن تنجح في مخططها لأنّ الثورة لها من المناعة ما يكفي لكي لا تسقط في فخ المذهبية والطائفية، بل هي مصرّة على سلميتها». وإذ يحذّر من «انّ الشعب هو مصدر السلطات»، يلفت الى «انّ الثورة سحبت المشروعية من مجلس النواب، والثوار سينجحون في الدخول الى «مبناهم» أي البرلمان ويعيدون انتاج السلطة مجدداً».
ويقول: «انّ التظاهر وقطع الطرق حق مقدّس، ومن يعترض على هذا القول فليعد الى اقوال الرئيس عون حين كان في صفوف المعارضة، فماذا كان يقول، وتحديداً لحسن نصرالله حين كان يحتل ساحة رياض الصلح لمدة سنة ونصف سنة».
وعلّق ريفي على الاحداث الدامية التي حصلت في ساحة النجمة في اليومين الماضيين، فقال: «لو كنت في المسؤولية لا اسمح بالمعاملة بالمِثل، حتى انّه في كل الثورات تتعرّض قوى الامن للرمي بالحجارة وما شابه، وبالتالي، ليس على القوى الامنية الرسمية الردّ بالمثل لأنّها ليست ميليشيا. فالقانون يجيز لها حق الدفاع عن النفس وعلى المعنيين تزويد القوى الامنية دروعاً مضادة للحجارة وطاسات لحماية الرؤوس بالاضافة الى حواجب زجاجية لحماية الوجوه، أي على الدولة تأمين كافة مستلزمات الوقاية لعناصر قوى الامن الداخلي لأنّها تتعامل مع شعبها ولا تتعامل مع عدو داخلي او خارجي».
وذكر ريفي، «انّ الشعب في كل الثورات يستعمل العنف فيما قوى الامن تستعمل خراطيم المياه، وهذا ما بدأته القوى الامنية في مواجهتها للثوار امس، وهذا مشروع، اما الرصاص المطاطي فلا يجب استعماله من مسافة قريبة لأنّه مؤذٍ. وانّ السلطة بعدما فشلت في اقامة دولة شفافة ستسقط حكماً في الشارع امام انتفاضة الشعب اللبناني».
وردّ ريفي على من يقول انّ العنف في ساحة النجمة ومحيط مجلس النواب كان مصدره شرطة المجلس وليس عناصر القوى الامنية، فقال: «للامانة اقول إنّ العناصر التي درّبناها نحن لا يمكن ان تلجأ الى هذا النوع من العنف مطلقاً، وهذه حقيقة، ولذلك ارى أنّ من الواجب إجراء تحقيق واضح للتأكّد من انّ العنف المفرط لم يكن على يد عناصرنا في قوى الامن الداخلي».