Site icon IMLebanon

يوم الإنتقام: هل تولد الثورة من رحم الإنفجار؟

 

يستمرّ سكان المدينة والمتطوعون في إزالة ما أمكن من دمار خلّفه الإنفجار، لليوم الثالث بعد الإنفجار في مرفأ بيروت. في هذا الوقت يحاول المتسببون بالإنفجار مسح بصماتهم لإخفاء جريمتهم، بينما ينتظر اللبنانيون أن تخجل السلطة من حجم الفاجعة فيتم توقيف أي مسؤول تسبب بالإنفجار، على الرغم من أنهم لا يتوقعون ذلك. وبعد ان علقت مشانق رمزية في ساحة الشهداء وأماكن أخرى من بيروت للمطالبة بالاقتصاص من المتسببين بتدمير المدينة، تستعدّ الساحة لاستقبال تظاهرة ترفع عنوان الانتقام، عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم. وأجمعت كل التنظيمات والمجموعات التي اجتمعت أمس الأول على الدعوة لتحرك اليوم، آملة في أن تقوم ثورة حقيقية هذه المرة بعد كمّ الغضب العارم الذي عبر عنه المواطنون.

 

وإن كانت انتفاضة 17 تشرين قد اندلعت بعد يومين من حرائق الدامور وحجم الإهمال الذي كشفته، تنذر جريمة المرفأ، بالنسبة للمجموعات، بثورة أكبر نتيجة فظاعتها وحجم الجرم المرتكب، والذي لم يتسبب بالتفجير وحسب، وإنما ظهر في عمليات الإنقاذ ورفع الركام. حيث ترك المواطنون لمصيرهم، في حين غطّت المساعدات التي وصلت من دول مختلفة على فضيحة أكبر تتمثل في غياب الحد الأدنى من مقومات الإنقاذ، وعلى تكاسل أجهزة الدولة. وكأن السلطة بذلك تؤكد مرة جديدة تخليها عن مواطنيها في أحلك الظروف متكلة على المساعدات الخارجية لحفظ مواقعها.

 

وفي حين لم تسخّر أجهزة الدولة طاقاتها لإنقاذ المواطنين وفق ما تستدعيه الكارثة، نزل وزير التربية طارق المجذوب إلى بيروت فحاول أن يهرب من المتطوعين بأن يحمل المكنسة لتكنيس الشارع، فجرى طرده من المكان وحاول أحد المواطنين “تكنيسه بالمكنسة” التي كان يحملها. المواطنون لا يريدون استعراضات صورية يجري استغلالها من قبل سياسيين لتجميل صورتهم. إنما يريدون منهم قرارات أهمها محاسبة المتورطين في الجريمة، وهم رغبوا لو أن الوزير وزملاءه قد اوعزوا إلى الأجهزة الأمنية المشاركة في أعمال رفع الركام. لكنّ هذه القوى الأمنية سخّرت لحماية السلطة وإنقاذ “عروش” مسؤوليها بدل إنقاذ أرواح الناس. وتحسّباً لتحرك اليوم وأي تحرك محتمل، انتشرت فرق من الجيش وقوى الأمن الداخلي في شوارع بيروت وفي ساحة الشهداء. ونشرت قوى مكافحة الشغب فرقة أمام مدخل وزارتي الإقتصاد والبيئة.

 

في حديث إلى “نداء الوطن” يؤكد جاد لزيق، من “لحقي” أن مختلف التنظيمات والمجموعات قد أجمعت على التظاهر اليوم في ساحة الشهداء تحت عنواني المحاسبة والإنتقام من النظام. يتوقع لزيق مشاركة قوية في التظاهرات، مراهناً على الجو العام. “هناك الكثير من الغضب لدى الناس وفقدان تام للثقة بالسلطة، فالناس صبروا وتحملوا وعانوا من احباط في الفترة الأخيرة، لكن وبعد الإنفجار لا يمكن السكوت، إذ بلغ الفساد مرحلة إرتكاب مجزرة في بيروت وتدميرها ولن يمر من دون رد فعل قوي في الساحة”. يجدد الناشط اتهام السلطة بالتسبب بالانفجار، ويؤكد عدم ثقته بالتحقيق الذي تجريه: “وقع الانفجار نتيجة إهمال وفساد هذه السلطة، عانينا طويلاً من فسادها وإهمالها وهو ما تسبب بأسوأ أزمة إقتصادية في تاريخ لبنان، إلى أن وصل بهم الفساد لأن يضعوا حوالى 3 أطنان من المواد شديدة الإنفجار في مرفأ بيروت وبين الناس بما لا يراعي أدنى شروط السلامة العامة”. ويعتبر لزيق بأن الانفجار قد طيّر السلطة وأيّ مشروعية لها، وبأنه نقطة تحول. “ورموز السلطة الموجودون اليوم في المؤسسات الدستورية، محتلون لهذه المؤسسات، وقد حان وقت الإنتقام منهم جميعاً من دون أي استثناء، فكل الحكومات من العام 2014 إلى اليوم تعلم بوجود هذه المواد. إن لم يحصل تغيير سياسي سنعيش مآسي أكبر”.

 

وفي الوقت الذي يحاول البعض امتصاص النقمة عبر دعوة الناس لتأجيل التظاهرات بحجة أولوية مساعدة المتضررين، يلفت لزيق إلى أن الأمرين لا يتعارضان. إذ شكل الناشطون خلايا أزمة، وعملوا على مساعدة المتضررين، “لكننا لا نريد ان تعتقد السلطة بأنها لن تحاسب، لذلك لا نريد التأخر في المحاسبة. مستمرون بالتضامن وبالموازاة هناك سلطة فيها مجرمون لا يجب أن يشعروا بالراحة”.

 

وإذ تملأ الأجهزة الأمنية الشوارع وتراقبها جيداً استعداداً لقمع المتظاهرين وإفشال تحركاتهم التي تدفع باتجاه المحاسبة، يؤكد الناشط بأنهم يتوقعون تدخلها ومستعدون له، “فالأجهزة الأمنية مصرة على الدفاع عن السلطة المجرمة، والكلمة للناس”.