وسط الضجة المثارة حول اقتراع المغتربين في الإنتخابات النيابية المقبلة، تتخوّف مصادر نيابية مواكبة للبحث في قانون الإنتخاب، من أن تبرز عراقيل عدة متصلة بالمواقف العامة على الساحة الداخلية، تؤدي الى حرمان المغترب اللبناني من ممارسة حقه الذي منحه إياه الدستور في انتخاب ممثلين عنه الى الندوة البرلمانية. وتكشف هذه المصادر، عن أن أسباب حصول هذا الأمر تتزايد يوماً بعد يوم، بحيث أن الإستحقاق الإنتخابي النيابي، يشكل العنوان الأول أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وذلك في ضوء المواجهة الناشئة بين القوى السياسية المكوّنة لها، على خلفية التردّد لدى البعض منها من النتائج التي قد تفرزها مشاركة اللبنانيين في الإغتراب، الذين لديهم، أو على الأقل لدى الغالبية منهم والتي خسرت ودائعها في المصارف في لبنان، نقمة شديدة وسوف تسعى إلى ترجمتها في صناديق الإقتراع في أيار المقبل.
وممّا لا شك فيه، وكما تُضيف المصادر النيابية، أنّ ملف إجراء الإنتخابات النيابية هو بمثابة البند الأساسي في البيان الوزاري، لكنه في الوقت نفسه، يشكل عنواناً للخلاف وللإنقسامات المبكرة داخل الحكومة، في حال جرى تعديل قانون الإنتخاب من أجل تقريب موعد الإنتخابات، وبالتالي، تمّ إسقاط حق المغترب في الإقتراع.
لكن المصادر نفسها، تستدرك بالإشارة الى أن ما من أمر محسوم حتى اليوم على هذا الصعيد، وأن المداولات مستمرة، بين كل الأطراف السياسية، خصوصاً وأنه مقابل من يطالب بإشراك أصوات المغتربين، هناك قوى سياسية لا تؤيد ذلك، ولكن ليس انطلاقاً من موقف اللبنانيين في دول الإغتراب، بل نتيجة مجموعة عوامل متعلقة بالحملات الإنتخابية في الخارج والعقبات التي قد تواجهها. وعليه، فإن مشاركة اللبنانيين المغتربين في الخارج بالإنتخابات، هو طرح وافقت عليه كل الكتل النيابية، وقد أكد عليه أخيراً رئيس الجمهورية ميشال عون، كما أن كل الدول الغربية الداعمة لعملية الإنقاذ في لبنان، تضع الإنتخابات هدفاً أساسياً، وتشدّد في أكثر من مناسبة على أهمية الإستحقاق الإنتخابي، كمشروع للتغيير من خلال المؤسّسات الدستورية وبالوسائل الديمقراطية، وبالتالي، سيفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة نادى بها اللبنانيون الذين تظاهروا في الشارع في 17 تشرين الأول 2019.
وفي هذا الإطار، فإن اقتراع المغتربين، يرتدي طابعاً مهماً انطلاقاً من مبدأ المساواة بين المواطنين، كما تشير الأوساط النيابية نفسها، والتي تتمسّك باقتراع الإغتراب الى أبعد الحدود، وتدعو الى عدم ربطه بأية حسابات سياسية. وكذلك تعتبر هذه المصادر، أن أي إلغاء لحقوق المغترب على هذا الصعيد، سيكون رسالةً بالغة السلبية لكل اللبنانيين المنتشرين في الخارج، والذين لم يبخلوا يوماً ولم يتأخروا عن دعم لبنان خلال الأزمات، حتى أن حجم التحويلات من المغتربين إلى عائلاتهم في بيروت بلغ نحو 6 مليارات دولار خلال العام الماضي، وقد شكّلت هذه التحويلات خشبة الإنقاذ للآلاف من العائلات التي تواجه أزمات مالية وصحية واجتماعية بعدما بات أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين يعيشون ظروفاً معيشية صعبة وفق التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي.