يبدو أنّ المتظاهرين قرروا البقاء في الساحات والشوارع رافضين إخلاءها بعد رفضهم القرارات التاريخية بكل ما للكلمة من معنى التي اتخذها مجلس الوزراء أمس وهي ذات طابع إصلاحي واضح…
من حق المعترضين ان يعترضوا، ومن حقهم أن يبقوا في التظاهر والإعتصام… ولكن ليس من حقهم على الإطلاق ان يعطلوا مرافق البلد حتى الشلل التام.
ألا يدرك هؤلاء انهم يجرّون البلد الى المجهول؟ ألا يدركون أنه لولا الجيش وقوى الأمن لكانت الناس تأكل بعضها بعضاً، وهل يفوتهم ان، حراكهم الذي اعترفنا ونعترف بحقهم في اللجوء إليه يكلف البلد خسائر يومية تقدّر بما يراوح بين ٨٠ مليون دولار ومئة مليون؟!.
صحيح أنّ الثقة مفقودة بالدولة… ولكن هل يُطلب من هذه الحكومة أن تحلّ في فترة زمنية قصيرة استحقاقات سنوات وعقود؟
فهل المطلوب ترك البلد في فراغ؟ هل يعي المطالبون بسقوط الدولة، ما هي النتائج الخطرة التي تترتب على هذا السقوط، فيما لو حصل؟
في مطلع سبعينات القرن الماضي، ومع انطلاق عهد الرئيس سليمان فرنجية جرى الإنتقام من العهد الشهابي باتخاذ إجراءات ضد رئيس وكبار ضباط المخابرات (كان الاسم «المكتب الثاني»)، فكان أن فرّ هؤلاء الضباط الى خارج لبنان من سوريا الى اسبانيا الى… ومَن لا يعرف كيف أدّت هذه الخطوة الى »فلتان الملق« في البلد حتى حرب السنتين (١٩٧٥- ١٩٧٦) وما تبعها ولا يزال من تطورات.
لقد نزل الناس الى الشارع وحققوا إنجازاً تاريخياً بكل ما للكلمة من معنى، وهذا الإنجاز ما كان له ليصدر (ضمن مهلة الـ٧٢ ساعة) لولا الحراك في الشارع، هذه حقيقة يجب الإعتراف بها، ويجب أن يعتز بها المتظاهرون، ولكنهم لا يريدون أن يروا فيها أي وجه إيجابي، وهذا من حقهم، ولكن ليس من حقهم أن يعطلوا البلد ويتسببوا بزيادة فقر الفقراء وجوع الجائعين.
وكان لافتاً مسارعة رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل الى رفض القرارات ومطالبة المتظاهرين بالبقاء في الشارع… من أجل ماذا؟ لأنّ الرجل ضدّ الفساد والفاسدين؟ وربما يجب إنعاش ذاكرته بما حدث مع والده يوم كان طفلاً والوالد كان رئيساً للجمهورية، وما قام به في صفقتي السلاح مع الولايات المتحدة الاميركية وصفقة طوافات «البوما» التي جيء بها على أساس انها صناعة فرنسية وتجميع فرنسي فإذا بها… رومانية! ومن يومها بدأت أزمة الليرة اللبنانية خصوصاً وأنّ أمين الجميّل حمل ثمن السلاح في حقائب… بدلاً من أن يدفع هذا الثمن عبر شيكات رسمية؟!.
عوني الكعكي