IMLebanon

خطر “وجودي” والخلاف على “تعيينات”

كلما تنعقد جلسة للحكومة يُوحى للبنانيين كأنها الأخيرة. ذروة العبث السياسي هو ما شهدناه، ولا نزال، في هذا التلازم القسري والتزاحم المريب بين “ملف عرسال” و”ملف التعيينات”. ما إن فُتح نقاش هادئ في مجلس الوزراء عن الوضع الحدودي ورأي الدفاع والجيش حتى انكشف الضجيج البروباغندي الذي افتعله الأمين العام لـ”حزب الله” أخيراً، بل افتضح هدفه، وهو الضغط على الجيش لتوريطه في حربٍ شبيهة بتلك التي تخوضها ميليشيا “الحزب” في جرود القلمون، كمساعدة ايرانية للنظام السوري. بالطبع، هناك خطر، ولأنه خطر حقيقي يشكّله تنظيما “جبهة النصرة” و”داعش”، فإن يقظة الجيش كفيلة بمواجهته لئلا يصبح تهديداً لـ “الوجود” وفقاً لما ذهب اليه السيد حسن نصرالله.

من يدرس المواقف المتوازية بين نصرالله والعماد ميشال عون يخيّل اليه أنهما يتحدّثان عن الدولة والجيش كما لو أنهما يتمنيان فشلهما، بل يعتبر انهما قد فشلا. هذا يشير الى المليارات السعودية دعماً للجيش على أنها الدليل على ضعفه، وذاك نفض يده مما يسميه “الدولة” لأنها لم تحسم أمرها فتسمع كلمته. واقع الأمر أن تضليل الجمهور يهبط بالرجلين من مستوييهما السابقين الى نمط غير معهود من “البلطجة”: فالسيّد يريد توظيف الجيش في مشروعه، أما العماد فليس كثير التطلّب بل يسعى فقط الى تغيير قائد الجيش وتعيين العميد شامل روكز مكانه. ورغم أن الأخير ضابط يستحق المنصب، طبيعياً وموضوعياً، إلا أن المنهج الذي اتّبعه عون لتزكية ترفيعه جعل منه مجرد “صهر الجنرال”، بل آل الى “شرشحة” تأنف منها مؤسسة الجيش.

وإذا كان عون يتصرف بهذه الطريقة لفرض التعيين فرضاً، ذاهباً الى حد ابتزاز البلد بنسف الحكومة ما لم تلَبَّ رغبته، فما الذي سيحصل لاحقاً: إلحاق الجيش بـ”حزب الله” والخضوع الكامل لمخططاته؟ أم يكون “الصهر” أكثر واقعية من “العم”، وأقرب الى اطروحة القائد الحالي للجيش العماد جان قهوجي الذي ردّ على نصرالله مؤكداً للبنانيين أن “كل عوامل التخويف والتشكيك ساقطة”؟ هذا تساؤل مشروع ما دام العبث بلغ هذا الحدّ من “الشرشحة” المكشوفة. بل انه تساؤل ينسحب أيضاً على “التلازم” بين “تعيينات عسكرية وأمنية” وبين “أمن الحدود”.

يريد العماد عون “انتصاراً” في مسألة تعيين قائد الجيش لاستثماره كنقلة استراتيجية في اتجاه الرئاسة، وفي اعتقاده أنه اذا تحقق مراده سيثبت فعلاً لا قولاً ما معنى “الرئيس القوي”، فكيف وهو لم يصبح رئيساً بعد؟ لذلك يمضي الى أقصى حدود التسييس في هذا التعيين، موظّفاً “حقوق المسيحيين”، من دون أن يحسب مترتّباته وتداعياته على البلد، وبالأخص على الجيش الذي يتهمه بعض من اللبنانيين بأنه واقع تحت هيمنة ميليشيا “حزب الله”.