الهجوم الارهابي الذي استهدف بلدة القاع واوقع 5 شهداء وعشرات الجرحى لا يشكل مفاجأة لدى الاجهزة الامنية التي توافرت لديها معلومات تشير الى ان «داعش» بصدد القيام بهجمات امنية من العيار الثقيل، انما المفاجأة كانت باختيار القاع كهدف، في وقت كانت التوقعات ان يكون الوسط التجاري في بيروت هو الهدف «لداعش» اثر تراكم معطيات لدى الاجهزة الامنية اشارت من خلال مقاطعتها من عدة مصادر الى ان التنظيم التكفيري اعد مجموعات انتحارية من انغماسييه للضرب في قلب العاصمة اللبنانية على غرار ما حصل في مجزرة باريس وكانت الخطة تقضي بمهاجمة احياء تغص بالملاهي والمقاهي وايقاع اكبر عدد من الضحايا عبر اطلاق النار عليهم واحتجاز رهائن وجر القوى الامنية الى قتال شوارع اطول فترة ممكنة ومن ثم احتلال احدى الكنائس وتفجير الانتحاريين انفسهم عندما تنفذ الذخائر منهم، والحي الذي سيكون مسرح المجزرة هو احد الاحياء المسيحية الملاصق لقلب العاصمة السني وفق الاوساط الضليعة في عالم الامن. فهل استبدل العقل الجهنمي التكفيري الهدف بمهاجمة القاع ام ان ما حصل في البلدة البقاعية حلقة في مسلسل؟
وتضيف الاوساط ان اللافت في الهجوم على القاع اعتماد اسلوب الموجات الانتحارية في الهجوم المعروف لدى «داعش» والذي غالباً ما يعتمده في معاركه الكبيرة في سوريا والعراق، قبل اي هجوم ميداني، فلماذا مارس هذا الاسلوب في القاع دون ان يشن هجوماً عسكرياً على البلدة، وهل ما حصل مجرد رسالة من رسائل التنظيم التكفيري الى اوروبا على خلفية انه يثير المسيحيين في الغرب؟ ام انه رد على استهداف الرقة معقل التنظيم حيث تتقاطع المعلومات حول المخطط الاميركي ـ الروسي بحصار عاصمة البغدادي التي باتت ضمن فك كماشة وبات الاطباق عليها مسألة وقت من خلال زحف الجيش السوري وحلفائه من تدمر لتحريرها بغطاء جوي روسي وقيام «قوات سوريا الديموقراطية» ذات العصب الكردي بملاقاة الزاحفين من تدمر بغطاء جوي تأمنه طائرات التحالف الدولي ضد الارهاب.
وتشير الاوساط الى ان انهيار «داعش» في الفلوجة واقتراب معركة الموصل دفعت بالتنظيم التكفيري الى توجيه رسائل دموية كان اولها الهجوم الذي استهدف الاردن في المنطقة الحدودية مع سوريا واوقع قتلى في صفوف حرس الحدود الاردني وثانيها والهجوم على القاع وثالثها الهجوم الذي استهدف مطار اتاتورك في اسطنبول واوقع 28 قتيلاً. وهذه الرسائل تقول ان بمقدور «داعش» نقل معاركه الى الاردن ولبنان وتركيا اذا ما سقطت الرقة كونها عاصمة الخلافة، ولكن هجوم القاع ان دل على شيء فعلى ان الفصيل التكفيري يكاد يلفظ انفاسه على مستوى قدراته العسكرية والدليل على ذلك انه استعمل 8 انتحاريين لقتل 5 اشخاص وهذه قمة الافلاس وما حصل في الهجمات سواء في الاردن او لبنان او تركيا هدفه واحد لتذكير الغربيين من واشنطن الى اوروبا وموسكو ان «داعش» لا يزال موجوداً وعلى قاعدة «نحن هنا».
ولعل اخطر ما قد يلجأ اليه التنظيم التكفيري في تكتيكه اعتماد «الذئاب المنفردة» كما حصل في ولاية فلوريدا حيث قام الاميركي من اصل افغاني صديق متين بارتكاب مجزرة ذهب ضحيتها العشرات اثر هجومه على ملهى ليلي للمثليين، فاعتماد اسلوب «الذئاب المنفردة» اهم بكثير من السيارات المفخخة من حيث الحصيلة الدموية اضافة الى كلفته الخفيفة ونتائجه الكارثية والسهولة في التنفيذ، والاخطر من ذلك انه لا تخلو دولة في العالم من «ذئاب منفردة» تحمل العقيدة «الداعشية» وكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق ان البيت الابيض ليس بآمن يأتي في مكانه الصحيح.