Site icon IMLebanon

بيان قمة الرياض الخليجية يضع المسؤولين أمام تحدي الالتزام بتنفيذ «إعلان جدة»

 

ميقاتي : ما عاد مقبولاً أن يكون لبنان مصدر إقلاق لدول مجلس التعاون

 

 

بدت كل الأبواب موصدة أمام محاولات إنقاذ ما تبقى، قبل الانهيار الكبير الذي سيأخذ في طريقه كل شيء، إزاء هذا الفشل الذريع للطبقة الحاكمة العاجزة عن وقف تدهور الليرة اللبنانية على نحو غير مسبوق، بعدما وصل سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء إلى أعتاب الثلاثين ألف ليرة، دون أن تنجح كل الإجراءات التي اتخذت في الحد من وقف ارتفاع العملة الخضراء الجنوني، والتصدي لعمليات المضاربة التي فاقت كل الحدود، فيما المواطن يدفع الثمن وحده، بعدما خسر كل شيء، وبات في وضع مزرٍ إلى أقصى الحدود، وسط تساؤلات عن أسباب عدم مبادرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، للقيام بما يلزم من أجل التخفيف عن كاهل المواطنين الذين أصبحوا في حالة شبه ميؤوس منها، بعدما بلغ الغلاء وارتفاع الأسعار مستويات قياسية .وقد بدا واضحاً بعد الكلام الذي أطلقه أمام مجلس نقابة المحررين، أن رئيس الجمهورية ميشال عون، مستعجل لعقد جلسة للحكومة، ولو قاطعها وزراء «الثنائي»، لأنه لن يقبل باستمرار هذا الوضع، في حين علمت «اللواء»، أن الرئيس عون، لن يقف مكتوف الأيدي أمام استمرار تعطل جلسات الحكومة، وسيكون له موقف من هذا الملف، إذا لم يدعُ الرئيس ميقاتي إلى جلسة حكومية، بعدما باتت الأمور على درجة عالية من الخطورة، ولا يجوز بالتالي البقاء في موقع المتفرج أمام هذا الانهيار. في وقت أشارت المعلومات إلى أن دوائر القصر الجمهوري لم تتلقَّ بارتياح، عدم إدراج رئيس الجمهورية على جدول زيارات الموفد الفرنسي بيار دوكان إلى المسؤولين، وإن كان هناك من يعتبر ذلك، رسالة من جانب قصر «الإليزيه»، بعدما سبق للسفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، أن أبلغت الرئيس عون بأن «إنجازات زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الخليج وما حصل عليه من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من الضروري أن تلاقيها السلطات اللبنانية في منتصف الطريق وتقوم بجزء من العمل».

 

 

وفي الوقت الذي لا يزال الملف اللبناني محور الحركة الإقليمية، بعد «إعلان جدة»، وهذا ما ظهر من خلال ما أشار إليه بيان القمة الخليجية الـ42 التي عقدت في الرياض الذي يضع المسؤولين اللبنانيين أمام تحدي تنفيذ البيان السعودي الفرنسي، فإن الاهتمام الخليجي، ووفقاً لمصادر دبلوماسية يتركز على ضرورة ألا يشكل لبنان منطلقاً لأي إساءة لدول مجلس التعاون، من جانب «حزب الله» وجماعات إيران في المنطقة، وبالتالي فإن هناك فرصة للحكومة اللبنانية لأن تقوم بما هو مطلوب منها على هذا الصعيد، وأن تثبت فعلاً أنها قادرة على لجم الحزب، لئلا يكون مصدر خطر على الدول الخليجية التي لم ترَ لغاية الآن جدية من جانب بيروت، في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المصالح الخليجية، بدليل عدم قدرة السلطات اللبنانية على منع المؤتمر الذي عقدته جبهة «الوفاق» البحرينية المعارضة الأسبوع الماضي.

 

عون لن يقف مكتوف الأيدي أمام استمرار تعطل جلسات الحكومة

 

وفيما تواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في ظروف انعقاد هذا المؤتمر، فقد علم أن تعليمات صدرت على أعلى المستويات، بالتشدد مع أي محاولة من جانب أي طرف لعقد مؤتمرات أو تجمعات مناوئة للأنظمة الخليجية، والعمل على منع الجهات المعارضة لهذه الأنظمة من إقامة أي نشاط على الأراضي اللبنانية، تفادياً لتفاقم الأزمة مع مملكة البحرين، وما قد يستتبعه من تطورات سلبية مع دول مجلس التعاون الخليجي، في وقت أحوج ما يكون لبنان إلى تطبيع علاقاته مع الدول الخليجية الأربع، لأن له في ذلك مصلحة على مختلف الأصعدة. وفي وقت يقوم وزير الداخلية بسام المولوي والأجهزة الأمنية بجهود مضنية، للتصدي لأي عمليات تهريب ممنوعات إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، إنفاذاً لتعليمات رئيس الحكومة الذي تؤكد مصادره لـ«اللواء»، أنه «ما عاد ممكناً القبول بأن يكون لبنان مصدر إقلاق للأشقاء الخليجيين الذين دعموه ووقفوا إلى جانبه منذ نشأته».

 

ومع تصاعد الأزمة الداخلية، وتزايد المخاوف على مستقبل البلد، وتوازياً مع الجهود التي تبذلها باريس، فإنه يتوقع أن يزور بيروت في وقت قريب، وزير خارجية الفاتيكان بياترو غالاغر، وهو ما تم التوافق عليه خلال زيارة الرئيس ميقاتي إلى عاصمة الكثلكة، للاطلاع على الأوضاع وتكوين صورة شاملة عنها لنقلها إلى البابا فرانسيس ليتسنى في ضوئها اتخاذ القرار حول إمكان أو عدم إمكان زيارته لبنان في ظل الاضطرابات على ساحته، اضافة إلى تحديد وجهة بوصلة المساعي الإنقاذية مع الدول المعنية به لا سيما الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وروسيا سعياً لإستنباط مخرج للأزمات التي تعصف به من الداخل والخارج، في ظل اهتمام فاتيكاني بعدم انهيار لبنان، وضرورة أن تبادر حكومته إلى اتخاذ كل الإجراءات لإخراجه من أزمته، وتحسين مستوى علاقاته بمحيطه العربي. إذ نقل عن مسؤولين فاتيكانيين أن لبنان لا يمكن أن يعيش إذا وضع نفسه في عزلة عن محيطه العربي الذي يشكل الرئة التي يتنفس منها اللبنانيون، في ظل مخاوف من مستقبل الوضع في هذا البلد، نتيجة الانقسام السياسي الذي يعطل الدولة ويُدخل لبنان في خطاب طائفي متشنج، وسط تأكيدات على أن لا مساعدات من دون إصلاحات إلا للشعب وعبر المنظمات غير الحكومية بفعل انعدام الثقة بالدولة ومن يديرون شؤونها.

 

ووسط هذه الأجواء، فإن الكباش السياسي القضائي بشأن قضية انفجار مرفأ بيروت، مرشح لمزيد من التصعيد، مع تمسك «الثنائي» بإقالة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وهو أمر يرفضه الرئيس عون، وهذا ما أبلغه إلى نقابة المحررين، في وقت ما زال رئيس الحكومة يطالب بفصل الملف القضائي عن موضوع الحكومة، ما يزيد من حدة الضغوطات على القاضي البيطار الذي يبدو أنه مصمم أكثر من أي وقت مضى على السير في مهمته، حيث يواصل تحقيقاته بزخم ونشاط بعيدا من الأضواء والجلبة السياسية في الخارج، تمهيداً لإصدار قراره الظني في القضية، والذي لم يعد بعيداً، بحسب ما تقول أوساط قضائية.