Site icon IMLebanon

الطريق الى الصين تبدأ بعدنان القصّار وتنتهي عنده  

 

أوّل لبناني وعربي يفتح طريق الحرير كان عدنان القصّار الذي شق الطريق أمام أوسع حركة تعامل إقتصادي – تجاري على نطاق كبير بين هذا البلد ولبنان.

 

حدث ذلك في وقت كان الحديث عن الصين كأنّه في الممنوعات… ذلك أنّ «الصين الشعبية»، كما هي التسمية الرسمية، لم يكن مرغوباً فيها، خصوصاً في ظل الحرب الباردة بين الشرق والغرب… وكانت الصين على يسار الاتحاد السوڤياتي السابق الذي كان يتزعّم الطرف الآخر من تلك الحرب الباردة كما كانت الولايات المتحدة الاميركية تتزعّم العالم الغربي… ونشأت المواجهة الحادّة بين حلفين ووضعت العالم برمته على فوهة بركان حرب عالمية ثالثة تأتي على الأخضر واليابس.

في عز تلك المرحلة التي كان العالم لا يزال حديث الخروج من آثار ومآسي الحرب العالمية الثانية، كانت النظرة في العالم الغربي (الذي كان يسمّى بـ»العالم الحرّ»)، وُجد شابٌّ رؤيوي يتجاوز طموحه الحدود، فقرّر أن يسير عكس التيّار، وينفتح على الصين التي لم تكن بينها وبين لبنان علاقات ديبلوماسية، إذ كان لبنان يعترف فقط بـ»الصين الوطنية»، أي جزيرة تايوان.

وبذلك استبق عدنان القصّار القرار اللبناني بنحو عشرين سنة، عندما اعترف الرئيس سليمان فرنجية بالصين الشعبية بقيادة الزعيم التاريخي ماو تسي تونغ…

ومن ينظر اليوم الى الصين التي بدأت تسير بخطوات ثابتة لتصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم (وهي اليوم الثانية بعد الولايات المتحدة الاميركية) يدرك كم كان الرئيس عدنان القصّار صاحب بصيرة ثاقبة، فقد استقرأ منذ نحو ستة عقود أنّ هذا البلد الواسع الرقعة في الشرق الأقصى، والكبير بعدد سكّانه الهائل، سيكون له دور استثنائي بارز في المسار العالمي برمته خصوصاً في المسار الاقتصادي.

وعلى خطى الرئيس عدنان القصّار ولاحقاً شقيقه عادل القصّار بدأت أعداد اللبنانيين، من قاصدي الصين، تزداد باضطراد سنوي، حتى بات الاستيراد من الصين عنصراً أساسياً في حركة الاستيراد اللبناني من البلدان الأجنبية.

ولذلك نرى أنّ سلسلة التكريمات التي حظي بها عدنان القصّار وشقيقه عادل وآخرها قبل أيام من قِبَل اتحاد المصارف العربية، جاءت تتويجاً للرجل الذي أمضى حياته، المديدة إن شاء الله، في الريادة والتفوّق في مجالي المال والأعمال… فالرئيس عدنان هو المصرفي الكبير، وقد جاء التكريم للشقيقين (كما نشرت «الشرق» الوقائع في حينه) خلال افتتاح أعمال «القمة المصرفية العربية – الدولية» التي عُقدت في العاصمة الفرنسية باريس التي رعاها الرئيس إيمانويل ماكرون، وقد شارك في هذه القمة نخبة واسعة ومتنوّعة من كبار المسؤولين الرسميين ومحافظي البنوك المركزية والشخصيات الاقتصادية وقيادات المصارف والمؤسّسات المالية ومؤسّسات ورجال الأعمال العرب والأجانب وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي في فرنسا.

ولقد يكون مسك الختام ما قاله في تلك المناسبة أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح: «إنّ الاتحاد يكرّم اليوم (أمس) رائدين من رواد العمل المصرفي والاقتصادي العربي، هما في الحقيقة رجل واحد وقلب واحد يخفق بالطموح والحيوية، ألقيا بظلالهما الوارفة على الاقتصاد اللبناني، وعلى الحياة العامة في لبنان أكثر من نصف قرن من الزمن، ورفعا إسم لبنان عالياً على الصعيدين العربي والدولي».