Site icon IMLebanon

دور بكركي والديمان في أحداث رافقت العلاقات مع قصر بعبدا

ملاحم الاغتيالات على أبواب المداخلات والمحظورات

التغيير الحكومي صعب واللقاء مع القادة أصعب من الحوار

كانت رئاسة الرئيس الياس الهراوي تزداد قوة، وكان المسيحيون يزدادون تقهقراً.

وفي اجتماع عقده البطريرك صفير والمطارنة الموارنة، تكونت مجموعة أحداث تختصر الواقع السياسي في لبنان، الأمر الذي جعل الناس في ضياع.

أولاً:ندلعت الحرب في لبنان، في ١٣ نيسان ١٩٧٥، لأن المسلمين يدّعون وجود غبن بحقهم، ويريدون المشاركة في الحكم. واستنجدوا من أجل ذلك بالفلسطينيين.

ثانياً: قامت محاولات لتأمين المشاركة من خلال مشاريع أهمها: الوثيقة الدستورية، مؤتمر جنيف، مؤتمر لوزان، الاتفاق الثلاثي، وتبادل الأوراق مع السفيرة الأميركية ابريل غلاسبي.

ثالثاً: ترك الرئيس الشيخ امين الجميل الحكم، بعد أن عين المجلس العسكري وعلى رأسه العماد ميشال عون قائد الجيش رئيساً للحكومة.

رابعاً: أعلن العماد عون حرب التحرير على سوريا، ليلفت الأنظار، كما قال البطريرك صفير، ولا سيما المجموعة الأوروبية الى ما يجري في لبنان.

وسجل الكاردينال صفير الملاحظات الآتية:

يوم انتخب المرحوم رينه معوض توجه متظاهرون ليلاً الى بكركي وهم يرفعون صورة العماد عون ويهتفون: بالروح بالدم نفديك يا عماد، وعابوا علينا إنّا اتخذنا موقفاً مع الانتخاب، وكان قد جاءنا من يقول لنا إن نشير على النواب لكيلا ينتخبوا رئيسا ويبقى العماد عون في السلطة اربع خمس سنوات حتى تنفرج الأزمة، ولأن كل رئيس منتخب سيكون مرتهناً لسوريا.

كان هناك حكومتان: حكومة عون وحكومة الحص. والبقاء دون انتخاب رئيس للجمهورية معناه الابقاء على حكومتين وبالتالي تقسيم لبنان، ونحن نريد توحيده، لأن انشاء وطن مسيحي في بحر مسلم قضاء على الوجود المسيحي في الشرق واضاعة للرسالة المسيحية التي تقوم على الشهادة في عالم غير مسيحي. وهذا الخلاف في النظرة أدى الى الخلاف على طريقة الحكم.

لا يمكن لبنان أن يعيش الا في جو حرية وبالتالي في جو ديمقراطية وهذا لا يتوفر الا بانتخاب رئيس جمهورية وحكومة واحدة ومجلس نواب. وهذا لم يرده ميشال عون الذي قال: لماذا النواب ما دام هناك أرض وشعب وقائد، وهذا يعني نظاماً ديكتاتورياً أبعد ما يكون عن الديمقراطية والحرية.

واتفاق الطائف هو ما يؤمن هذا النظام الديمقراطي وانتخاب رئيس جمهورية وبالتالي مناخ الحرية.

واتفاق الطائف وحده يوحّد لبنان، ويوقف الحرب ويعيد المؤسسات، ويؤمن للبنان مساعدات مالية دولية وعربية، واما العماد عون فلما سئل ماذا يقدم بديلاً من الطائف أجاب: أنا البديل.

ويتابع البطريرك صفير: حضر الى بكركي في ١٩ حزيران ١٩٩٠ وجوه راجعتنا بشأن العميد مخول حاكمه الذي أخذه السوريون مع عدد من الضباط لدى دخولهم وزارة الدفاع والقصر الجمهوري، وكان حاكمه قد ظهر في الصورة مع العماد اميل لحود، وبدا على تفاهم معه، لكنه بعد يومين احتجز. وكان السوريون وضعوا اليد على محتويات القصر الجمهوري ووزارة الدفاع ونقلوها الى دمشق.

ويتابع صفير: علمنا ونحن متجهون الى الكنيسة في الساعة التاسعة للاحتفال بالذبيحة الالهية ان الاذاعات اوردت نبأ اغتيال داني شمعون مع قرينته وولديه. وقد شجبنا هذه الجريمة في نهاية العظة التي ألقيناها، وتلونا على مسامع المؤمنين رسالة قداسة البابا. وأوفدنا سيادة المطران ابو جوده لتقديم التعازي في منزل الفقيد.

وقال صفير ان قداسة الحبر الاعظم بعث الينا برسالة عبر فيها عن اهتمامه بلبنان وحرصه على استعادة سيادته واستقلاله.

ويضيف: لقد اخبرنا القاضي خوام بعدما اشرف على التحقيق في الاغتيال ان ثمانية رجال يرتدون بزة الجيش اللبناني، ذهبوا في الساعة السابعة الى منزل داني شمعون وتهددوا الحارس وأجبروه على الصعود معهم الى الشقة التي يسكنها المغدور به، وطرق الباب ففتحته الخادمة ودخل أربعة من المسلحين، فيما ظل الاربعة الآخرون على مدخل البناية للحراسة، وأطلقوا الرصاص من مسدس كاتم للصوت على شمعون وقرينته وولديه وكلاهما دون العاشرة. وقفلوا راجعين ولم يكونوا ملثمين، ولهجتهم لبنانية.

ويستطرد الكاردينال صفير:

جاءنا الدكتور بيار دكاش وصحبته اثنان من آل شمعون لدعوتنا الى جناز المرحوم داني شمعون وقرينته وولديه، ولم يطلب منا الحضور شخصياً، بل ترك الامر لنا، وطلب منا ابلاغ من نرى من المطارنة. وتعين الجناز في دير القمر الاربعاء الساعة ١٢. وأخبرنا الدكتور دكاش عن انواع الاذلال التي لقيها المسيحيون في منطقة الحدث على يد السوريين، فقتلوا خمسة جنود امام كنيسة السيدة، وركعوا الناس بمن فيهم الكهنة، واغتصبوا عددا من الفتيات، وهناك طبيب استقبل وحده احدى عشرة فتاة، ونهبوا بيوتا كثيرة، والحمام في نصف الدار، على ما روى، وأصيب المواطنون باحباط كبير، وقال انهم بدأوا ينسحبون لكن ببطء. اوفدنا المطران ابو جوده ليمثلنا في المأتم مع رقيم بطريركي، ويبدو ان احد الناس، قال فيما كان الاب بولس صفير يتلو الرقيم ولفظ كلمة المرحوم على قباله أي على قبال البطريرك. وهذا دليل على مقدار التضليل الذي بلغه بعض الناس بشأن موقفنا من العماد عون. ونحن انطلقنا في معارضتنا لمشروعه السلطوي من مبدأين: وحدة لبنان ونظامه الديمقراطي الحر، وكان العماد عون يريد ان يحكم في لبنان مقسّم دون مؤسسات دستورية وقد اتخاذ شعارا ارض وشعب وقائد. وهذا ما لم يفهمه مؤيدوه.

ويعرض الكاردينال صفير ما حدث في اجتماع استثنائي للسادة المطارنة:

انه اجتماع استثنائي بحثنا فيه نتائج العملية العسكرية التي اخرجت عون من بعبدا. وشرحنا لأصحاب السيادة في عرض من ست صفحات منطلقات الموقف الذي اخذناه من العماد عون وأوردنا ثماني حقائق هي:

١- مطالبة المسلمين بالاصلاحات.

٢- المطامع السورية.

٣- التدخل الاسرائيلي.

٤- وحدة لبنان.

٥- النظام الديمقراطي الحر،

٦- الاوهام لا تصبح وقائع.

٧- انقسام المسيحيين أضعفهم وأفقدهم موقعهم

٨- الخلاص بالكنيسة. ولقي العرض استحسان اصحاب السيادة وطلبوا نسخاً عنه لوضعه بين أيدي الكهنة لتنوير اذهان الشعب.

ويضيف البطريرك في مذكراته: لقد اخبرنا النائب فؤاد السعد ان هناك تعيينات نواب جدد من بينهم: سمير جعجع عن بيروت مكان بيار الجميل، وايلي حبيقة ايضا، وهو سيعين عن منطقة الشوف. ستؤلف وزارة موسعة يكون فيها رؤساء الميليشيات وسيمثل فيها الموارنة: سمير جعجع، وسليمان طوني فرنجيه، وايلي حبيقة، وجورج سعادة وبطرس حرب وفارس بويز صهر الرئيس الهراوي.

ويروي صفير انه فهم من الفرنسيين ان من قاوموا العماد عون هم مع السوريين وهذا غير صحيح، وان الوزير السابق فؤاد نفاع قال للفرنسيين في باريس ان من يقاوم عون هو تلقائياً مع السوريين.

ويردف: يرى السوريون ان تقوم بيروت الكبرى اي من خلدة الى نهر الكلب، وان تعمد الحكومة الحالية الى تعيين نواب جدد، ثم بعد ذلك تشكل حكومة من ٣٠ وزيراً، هذا اذا شكلت، وهذا معناه ان النفوذ السوري قد توطد في لبنان والمطلوب بالأولية تسلم الشرعية الامن في المتنين، ثم العمل على ابقاء السوريين خارج المنطقة المسيحية. ويبدو ان السوريين كلفوا ايلي حبيقة وأحد القوميين اطلاق سراح الشرتوني، قاتل الشيخ بشير الجميل.

ويتابع ايضا: جاء الكاردينال فوزمينو ليوم واحد يرافقه سفير ايطاليا ميكاليس، سلونفولو ويانوتشي وجيش من الاعلاميين وحضروا المحادثة في القاعة الكبرى. والرجل معروف وهو نائب ايطالي ونائب رئيس مجلس النواب الاوروبي، وجاء مستطلعاً، على ما قال، مثله في العام الفائت. وسألنا رأينا في ما يجري، فقلنا له على مسمع الحضور:

١- الحالة في لبنان غير مرضية: انقضى علينا ١٦ سنة ونحن نتعذب ومعظم اللبنانيين وخاصة المسيحيين هاجروا.

٢- لبنان يمتاز بأنه بلد ديمقراطي حر وبالعيش المشترك الاسلامي المسيحي، فاذا فقد ميزته، فقد مبرر وجوده.

٣- هناك جيوش غريبة في لبنان: اسرائيلية وسورية وفلسطينية وايرانية، وأخذت قرارات على صعيد مجلس الامن بانسحابها من لبنان، فلم تنفذ هذه القرارات، فيما نفذت خلال اسبوع القرارات التي أخذت بشأن الكويت وتدفقت الجيوش على السعودية.

٤- نطلب من المجموعة الدولية وخاصة اوروبا تنفيذ القرار ٤٢٥ وسواه.

٦- لماذا يريدون ان يخسر لبنان سيادته واستقلاله وهو عضو مؤسس لجامعة الامم عندما كان الاعضاء حوالى ٥٠ دولة فأصبحوا ١٦٥ دولة؟ فهل يخسر لبنان استقلاله وسواه ادرك الاستقلال وهو اقل منه شأناً؟

٦- نحن نريد ان نكون اصدقاء مع كل الدول المجاورة خاصة مع سوريا بحكم الجوار والمصالح، ومع اسرائيل عندما يصالحها العرب، ولكن لا يطلبن منا ان نكون البادئين ما زالت مصر لم تنجح في ان تصالح اسرائيل وحدها فطردت من الجامعة العربية.

٧- النفوذ السوري ظاهر، ولم يترك للشعب اللبناني اختيار رئيسه وحكومته ووزرائه بحرية. سوريا تتدخل في تفاصيل الشؤون اللبنانية.

٨- نحن حريصون على استقلالنا، وقد حافظنا عليه طوال ١٥٠٠ سنة حتى في احلك العصور، وهو العصر العثماني طوال ٤٠٠ سنة، وايماننا بالله ساعدنا على ذلك.

٩- جوابا على سؤال قاومنا العماد عون انطلاقاً من مبدأين: وحدة لبنان ونظامه الديمقراطي الحر. وموقف عون كان سيؤدي الى التقسيم بوجود حكومتين: حكومته وحكومة الحص، والى نظام عسكري لأنه حذف المؤسسات الدستورية.

١٠- أخبرنا ان بلاده ستساعد بتسعة ملايين دولار بواسطة كاريتاس في مشاريع صحية، شكرنا له مساعدته وشددنا على مساعدة معنوية، ولا يريد اللبنانيون ان يعيشوا على الاستعطاء.

ويواصل الكاردينال صفير رواية ما حدث معه في كتابه حارس الذاكرة الذي أودعه الكاتب جورج عرب، وقائع زيارة موفد الرئيس الهراوي اليه الوزير فارس بويز.

١ – العمل على تحديد بيروت الكبرى ومدّ سلطة الدولة عليها، وهي تمتدّ من نهر الكلب، صعودا الى بكفيا فعاليه، فالدامور، وستتولاها الحكومة بما لها من مؤسسات وسيكون الجيش منتشرا فيها.

٢ – الميليشيات بدأت تنسحب مع آلياتها: القوات اللبنانية انسحبت من الأشرفية، الى جبيل، وتركت ما كانت استولت عليه من مرافق. حزب الله ابتدأ يذهب الى الجنوب، وسيتقرر مصيره في دمشق التي سيزورها ولاياتي وزير خارجية ايران، أمل سبّاقة في هذا المضمار، وميليشيا الحزب الاشتراكي أو الجيش الشعبي ينسحب الى الشوف ويتخلى عن مكاتب الجباية على الساحل.

٣ – الرئيس الحص لم يرتح لذهاب الرئيس الهراوي بصحبة فارس بويز صهره وحده الى دمشق، اعتقادا منه ان اتفاق الطائف لا يسمح بذلك، ولا يسمح لرئيس الجمهورية بترؤس مجلس الوزراء، ويدأب الرئيس الهراوي على ادخال مثل هذا التصرف المخالف لتفكير الحص في العادات والعرف لئلا يترسّخ العكس.

٤ – بالعودة الى الحصار على المنطقة الشرقية الذي ارتد على الشرعية يبدو ان الأميركان والسوريين هم الذين نصحوا به استنفادا لجميع الوسائل السلمية لاخراج العماد عون من بعبدا.

٥ – ان رئيس الجمهورية والعماد لحود كانا منذ يوم الأربعاء على علم بالهجوم الذي قاده جيش الشرعية بمساندة الجيش السوري على بعبدا، وقد خسر الجيش السوري /٣٠٠/ عنصر، وهذا ما حمله على ردّة فعل ذهب ضحيتها ما فوق المائة ضابط وجندي لبناني.

٦ – نصحنا بعدم تقديم العماد عون للمحاكمة لأن الرأي العام سيكون الى جانبه ويعتبره ضحية كبيرة، فأجاب: ان ما تسبب به من نكبات للبنانيين يستوجب المحاكمة، وقد ارتكب جرائم كثيرة، التمرّد، واحتجاز العديد من اللبنانيين، وتخريب المنطقة الشرقية، واحتجاز الأموال العامة، وتهديم الدولة الى ما هنالك. فقلنا له: صحيح، ولكن هناك كثيرون يجب محاكمتهم، فهل سيحاكمون؟

٧ – وعد الرئيس الأسد بالافراج عن الضباط اللبنانيين المعتقلين في عنجر على أثر دخول الجيش السوري الى بعبدا، بعد ان تؤخذ منهم معلومات عن علاقة بعض الجهات مع دول في المنطقة. وأخذ السوريون اضبارات تتعلق بالاستخبارات، على ما يقول بويز ولم يأخذوا شيئا ما عدا ذلك.

٨ – يبدو ان هناك سبعة أو ثمانية أشخاص يطلعون على القرارات المتخذة على الصعيد الرئاسي في سوريا، وأما الوزراء فلا يعلمون ما يقرر. والبرهان ان وليد جنبلاط حاول ان يقابل أحد كبار المسؤولين مثل نائب الرئيس عبدالحليم خدام، أو قائد الجيش حكمت الشهابي، أو علي دوبا، أو محمد ناصيف فلم يقابلوه، فاتصل بالهاتف بوزير الزراعة فاستقبله ودعاه الى تناول طعام الغداء، فوجه اليه لوماً شديدا فاعتذر بالقول: كنت على علم انه مقرّب وحليف ولم أعلم ما حدث من تغيير.

٩ – لاستبدال الحكومة هناك صعوبة في ايجاد بديل من الرئيس الحص، وهو يقول انه تعب وفي حاجة الى راحة، ويشكو ضيق ذات اليد ويرغب في العودة الى مركزه في التعليم في الجامعة الأميركية. والأسماء المتداولة لخلافته: عمر كرامي – طرابلس، وهو فتى أكثر من سائر المرشحين، والدكتور نزيه البزري وهو صيداوي ولكنه يفتقر الى قاعدة شعبية وأصبح متقدما في السن، وليس من زعيم بيروتي مسلم وتمام سلام لا يمكنه ان يخلف أباه لافتقاره لشعبية كبيرة، واعادة تكليف الحص هي الحل الأيسر.

في ١٥ تشرين الثاني ١٩٩٠، اجتمع الرئيس الياس الهراوي والكاردينال صفير وهذه هي تفاصيله كما يرويها البطريرك في مذكراته:

جاء من يقول انه يريد ان يقول لنا كلمة على حدة، فيما كنت متجهاً الى السكرستيا، وهي ان الرئيس سيصل بعد ربع ساعة الى بكركي. وسأل أين نريد ان نستقبله؟ فقلنا له في الكنيسة لأننا متجهون الى الاحتفال بالقداس. وكنا قد رحبنا بوفد كاريتاس أوروبي بعد تلاوة الانجيل عندما وصل الرئيس فرحبنا به قبل ان نبدأ بالعظة، وسألنا الله له النجاح في مهمته الشاقة. وبعد القداس توجهنا الى القاعة الكبرى وقد امتلأت بالناس الذين كانوا يسمعون القداس في الكنيسة. وبعد فترة استراحة وتناول القهوة عقدنا خلوة دامت ثلاثة أرباع الساعة ودار الحديث:

١ – على الجهود التي بذلها لاجتناب ما حدث في ١٣ ت١ عندما أخرج الجيش اللبناني بمساندة الجيش السوري العماد ميشال عون من بعبدا. وأخبرنا كيف ان السفير الفرنسي رينه آلا زاره عدة مرات متوسطا للعماد عون فقبل الرئيس بجعله وزيرا وبعدم التعرّض للضباط الموالين له. وأرسل اليه سرّاً الوزير محسن دلول الى السفارة الفرنسية حيث قابله ليلا وقضى معه ثلاث ساعات بدا له أولاً فيها انه لان بعض الشيء ثم عاد الى التصلّب ورفض التسليم، وكان قد أبلغ غير مرة ان العملية العسكرية وشيكة الوقوع لأنه كان يعوّل على تغيير المعادلات الاقليمية التي ستؤثر على وضعه في زعمه.

٢ – حصّلت الدولة من العماد عون ستة وأربعين مليون دولار كان قد فتح بها حسابات باسمه في BNPI ونقلها الى فرنسا باسمه واسم زوجته، وكذلك في البنك اللبناني للتجارة حيث أودع ستة ملايين دولار. واستمهل هذا البنك دفع المبلغ وطلب تقسيطه لكيلا يهتزّ، وهناك حسابات مفتوحة بأرقام خاصة، ولم يمسّ السرّ المصرفي لأن الأموال كانت في الأساس باسم الدولة وتحولت باسم العماد الخاص.

٣ – في ما خصّ الشؤون التربوية، أكد انه حريص على حرية التعليم وعلى اللغات الفرنسية والانكليزية في الجامعات، وأبدى استعداده لوقف الانتساب الى الكسو.

٤ – أخبرنا انه سيعيّن جوزف زعرور رئيسا للجامعة اللبنانية. وطلب منّا أسماء نوصي بأصحابها فأجبناه: لا مطلب لنا شخصيا. اختاروا الأكفّاء هذا كل ما أريده.

٥ – في ما خصّ الضباط العشرين الذين لا يزالون محتجزين لدى السوريين، قال لنا انه طالب وسيطالب بهم وسيفرج عنهم من مثل حاكمه وفوزي كرم وشامل موزايا وسواهم، غير ان عامر شهاب وفؤاد الأشقر الذي دخل في قصص خطرة وفي تعامل مع اسرائيل، فيبدو ان اطلاق سراحهما فيه صعوبة. وقد فقد السوريون في لبنان ٦٢٠ جنديا وضابطا في ١٣/١٠./١٩٩٠ على ما يقال.

٦ – وأما الأبوان ألبير شرفان وسليمان أبو خليل فلم يعرف عنهما شيئاً، وطلب الرئيس العام الأنطوني مقابلة من فخامته فأجابه: أما ان تأتي بحماية السفير البابوي واما مزوداً بوساطة من البطريرك الماروني وبرفقة أحد المطارنة ينتدبه غبطته. وذلك تأكيدا على موقف الأباتي المناصر للعماد عون.

٧ – لدى مغادرة الرئيس بكركي أدلى بتصريح قال فيه انه أتى لسماع القداس وللسلام على غبطة البطريرك، والاستماع لنصائحه والاسترشاد بتوصياته. وذهب الى حريصا حيث زار السفير البابوي بابلو بوانتي.

٨ – شكا من ان الشيعة تسعى الى الاستئثار بالوظائف، ومن ان الرئيس الحص أراد أن يسجل عدنان الحكيم كأحد آباء الاستقلال وان يوضع على ضريحه اكليل في يوم العيد، فلم يوافق الرئيس الهراوي على ذلك، وشطب اسم حميد فرنجيه أيضا ليقطع سبيل الاعتراض على الحص، ورأى ان يوضع على ضريح فرنجيه اكليل يوم الجلاء لأنه هو من رأس اللجنة التي قامت بمفاوضات جلاء مع فرنسا.

٩ – وشكا من مناورات القوات اللبنانية التي تريد اختيار القادة والجنود الذين يدخلون الأشرفية.