Site icon IMLebanon

مخاوف لبنانية من تفخيخ دور الجيش في الجنوب

 

“حماس” تعمم بعدم انتقاد “حزب الله”

 

تُطرح تساؤلات مقلقة في الأوساط الرسمية اللبنانية حول تأخر الشروع في تنفيذ قرار وقف اطلاق النار في الجنوب، في الوقت الذي اعلن لبنان فيه جهارا استعداده الالتزام بمندرجات القرار 1701 وآليته التنفيذية كما تم الاتفاق.

 

ثمة ما يقلق هنا ابتداء من التفسير الاسرائيلي الانتقائي للآلية التنفيذية للقرار مرورا بالخروقات العسكرية والدموية والجغرافية وليس اختتاما بالتأخر الغريب في مباشرة اللجنة الخماسية الرقابية للقرار عملها، نتحدث هنا عن الجهتين الأميركية والفرنسية.

 

المخاوف تتمحور حول توريط الجيش اللبناني في مستنقع مفخخ غير واضح المعالم بينما لا يلتزم الاسرائيلي وقف النار ويتوغل شمالا، في الوقت الذي يُنتظر منه بدء تنفيذ انسحابه في مدة الستين يوما المتفق عليها.

 

كما ثمة تساؤل حول ما يريده الاسرائيلي بعد انسحابه وما يطلبه من لبنان لناحية القذف بالجيش في نزاع مع “حزب الله” لتنفيذ القرار، أي فعليا تنفيذ الجيش ما تريد اسرائيل منه وليس ما يراه هو مناسبا في كيفية تطبيق القرار 1701، وذلك تحت التهديد بتولي جيش العدو تنفيذ ما تراه حكومته لضرب لبنان.

 

صحيح ان في آلية تنفيذ القرار الكثير من الغموض، فثمة بنود تحتاج بنودا اخرى لتفسيرها، لكن الصحيح ايضا ان اي بادرة حسن نية لم تظهرها اسرائيل منذ 27 تشرين الثاني الماضي، تاريخ وقف اطلاق النار، حتى اللحظة.

 

سنرى في الايام المقبلة ما اسفرت عنه زيارات المسؤول الأميركي في اللجنة، جاسبر جيفرز، والفرنسي غيوم بونشان، مع التسليم بأن جدية كبرى يوليها العالم لتنفيذ القرار ستكون مغايرة لمرحلة ما بعد حرب تموز 2006 (علما ان الانسحاب الاسرائيلي يومها لم يتم سريعا واتخذ وقتا وكذلك الخروقات التي تمحورت بعدها حول الخروقات الجوية لتبلغ نحو 40 ألفا حتى وقت قريب).

 

هذا مع العلم ان انتشار الجيش وسلامته رهن تفاهمات تعقد مع “حزب الله” نفسه، وسيكون القرار سياسيا هنا. اما لوجستيا فالعمل جار للتطويع في الجيش حتى بلوغ نحو 10 آلاف عنصر في زمن متوسط، والعمل على تطويع 4500 عنصر وفق آلية تلحظ التوازن في انتشارهم في الداخل وعلى الحدود لكي يغطي الكثير منهم مهمات الاستقرار في الداخل للسماح لآخرين بالانتقال الى الجنوب.

 

الأيام الماضية تمخضت عن رد متواضع لكن بالغ الدلالات من قبل “حزب الله”، لعله شكل الدافع لأخذ الدول الراعية للجنة الامور على محمل الجد وهي التي تعلم تماما من يتحمل مسؤولية توتير الاوضاع واعاقة التنفيذ التدريجي لقرار وقف النار، أي إسرائيل.

 

على ان المخاوف كلها من عودة الحرب على الشاكلة السابقة ليست في محلها وان كانت مبررة.

 

اللاعبون جميعا يريدون الخلاص وهذا ما يفسر الاتفاق حمال الاوجه الذي توصلوا إليه على عجل.

 

ولناحية الحزب فهو تقصد الغموض وكما قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، امس، يتعاطى مع الاتفاق الذي أقر قاسم بأنه شمل “سلاح المقاومة” (اي اتخاذه صفة الجدية) كونه يشمل فقط جنوبي الليطاني. أما سلاح الحزب في باقي المناطق فله “علاقة بآليات يُتفق عليها في الداخل اللبناني”. تقصد الغموض هذا يتأتى كون الحزب في امس الحاجة للهدنة لإعادة البناء ولإجراء المراجعة اللازمة كما لمواءمة ذلك مع الاستحقاقات الداخلية الكبرى واهمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية واطلاق صافرة البناء الداخلي، على اساس توافقي هذه المرة.

 

يأتي ذلك في اطار المراجعة الشاملة التي اجراها الحزب وما زال، وشكل ايقاف جبهة الإسناد اهمها، وهو ما جلب له انتقادات فلسطينية.

 

والحال ان شريحة واسعة من الفلسطينيين وخاصة الغزاويين، قد ثمنت للحزب تضحياته، لكنها تشعر اليوم بخيبة أمل مع ترك غزة وحيدة وبوضع الحزب حد لحرب كان الافضل له عدم خوضها بدل التراجع عنها بعد النتائج التي تمخضت عنها، حسب الانتقادات التي تدور أيضا داخل بيئة حركة “حماس” نفسها التي اضطرت الى التعميم داخليا بعدم انتقاد الحزب.

 

في كل الأحوال هي مرحلة عض اصابع خاصة بالنسبة إلى الحزب الذي سيكون مضطرا لشراء الوقت حتى تتحسن ظروف الميدان مع عودة مستوطني الشمال الإسرائيلي، حينها سيصبح الحزب أكثر إمساكا بورقة أمن الشمال تجنبا للجوء اسرائيل إلى فرض قواعد جديدة قد تهدد وقف النار.