Site icon IMLebanon

دور سلاح المال في… تفجير المجتمعات من الداخل

 

المال سلاح ذو حدّين… هذه هي القاعدة الماسية التي تعتمدها الامبراطورية الأميركية لادامة هيمنتها على العالم، الحدّ الأول لسلاح المال في المفهوم الأميركي هو حجبه على الأعداء والخصوم والمنافسين، بالحصار والاستنزاف والابتزاز وبكل الوسائل المتاحة، القذرة أو النظيفة لا فرق! والمبالغة في استخدام هذا الحدّ من سلاح المال أرادت منها الادارات الأميركية المتعاقبة ان تجعل من أميركا الديان الأعظم الذي يقرّر مصائر الشعوب، وأيها يستحق الحياة وأيها يستحق الموت! واستخدمت أميركا الحصار الاقتصادي كسلاح فتّاك وقاتل يميت المجتمعات ببطء ولكن بثبات! وقد استعملت هذا السلاح بأشدّ صوره ضدّ الاتحاد السوفياتي وكوبا وكوريا وايران، وكل الدول الأخرى التي سعت أو تسعى الى اخضاعها…

الحدّ الآخر لسلاح المال بالمفهوم الأميركي هو لشراء الذمم والضمائر، وتجنيد العملاء داخل المجتمعات التي يراد تدميرها من الداخل، بهدف التجسس وبث الشائعات، وتسعير الحرب النفسية واشاعة روح الانهزام في الداخل. أما المجموعات الثقافية والنخب الاجتماعية التي تستعصي على رشوتها بالمال، فقد اخترعت لها أميركا أسلوبا ماكرا يجعلها تقبض المال بضمير مرتاح، وينزع عنها ظاهرا صفة العميل ليعطيها صفة مشرفة تحت عنوان النضال في سبيل القيم الانسانية! وهكذا تتحوّل تلك النخب الى طابور خامس في مجتمعاتها بارادتها أو بتطنيش منها! ومثال ذلك ما أسمته أميركا منظمات المجتمع المدني… وهي تقدّم لها المساعدات علنا على اعتبار انها تدعم انتشار القيم الانسانية في العالم، ولكنها في الواقع تتحوّل الى أدوات في يد المعلم الأميركي، تبعا للمثل القائل: من يعطي يأمر Qui donne ordonne!

 

في مصر مثلا، أنشأت الولايات المتحدة الأميركية علاقات مع مؤسسات المجتمع المدني بلغ عددها نحو ٣٣ جمعية. وكانت تقدّم لها مساعدات زهيدة تتراوح بين ٢٠ و٥٠ ألف دولار، لجمعيات تعمل تحت أسماء برّاقة: التضامن العمالي الدولي، التسامح ومناهضة العنف، دعم المجتمع المدني، الجمعية العربية لحقوق الانسان، النهوض بالمرأة بالتنمية، مركز جسر للحوار والتنمية، مرصد حقوق الإنسان، وهكذا… وقلّة من الجمعيات نالت مساعدات أكبر ومنها مركز المشروعات الدولية الخاصة وكانت حصّته أكثر من ١٨٧ ألف دولار. وكل هذه الجمعيات هي التي شكّلت لاحقاً نواة ثورة ٢٥ يناير وعرفت بالتسمية المغشوشة تحت عنوان الربيع العربي! ولم تكن هذه التجربة جديدة على أميركا، وسبقتها تجربة ربيع براغ، ثم لاحقاً ثورة النقابات في بولونيا بزعامة ليخ فاليسا، وأتى ذلك في إطار سياسة أميركا تفجير الإتحاد السوفياتي من الداخل!

 

… وما نراه اليوم في ايران وغيرها لا يحتاج الى شرح كثير!