IMLebanon

حُكم الأقوياء

بالتوازن مع الحركة الدبلوماسية الأجنبية في اتجاه العاصمة بيروت للتهنئة بانتخاب رئيس جمهورية بعد معاناة داخلية، وممانعة خارجية دامت سنتين ونصف السنة تعرض خلالها لبنان لهزات قوية كادت ان تطيح به كدولة وكيان، وبالتوازي مع الارتياح الذي يعبر عنه هؤلاء الزوار للانجاز الذي تحقق ويتمنون على المسؤولين، وعلى رئيس الجمهورية تحديداً العمل بسرعة وبالتعاون مع الحكومة، وكل القوى السياسية الداخلية الفاعلة لإنجاز الاستحقاقات الداهمة السياسية منها، كالإنتخابات النيابية في موعدها والأمنية على صعيد محاربة الإرهاب الذي يضرب معظم دول العالم، ولا يستثنى لبنان بصيغته الفريدة في العالم، بالتوازن مع هذا كلّه، ينصرف الرئيس ميشال عون بالتفاهم الكلي مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى فكفكة العقد السياسية من أمام إنجاز قانون جديد للانتخابات ترضى به كل المكونات لكي تجري على أساسه الانتخابات النيابية لإعادة تكوين السلطة. وتؤشر الاتصالات الجارية إلى حصول شبه إجماع على صياغة القانون الجديد قبل حلول موعد دعوة الناخبين قبل 21 الشهر المقبل، ولم يبق خارج هذا الإجماع سوى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من خلال رفضه التام والقاطع للقانون النسبي وتمسكه بقانون الستين الساري المفعول أو بأي قانون أكثري آخر يتم الاتفاق عليه مع مراعاة الخصوصية الدرزية بجعل الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحدة، وحتى الساعة يبدو أن هناك شبه إجماع، من القوى السياسية على مراعاة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي حرصاً منهم على الحفاظ على العيش الدرزي – المسيحي المشترك.

وقد عبر أمس رئيس الحكومة عن هذه الرغبة بتأكيده على العمل والاتصالات جارية لإنجاز قانون انتخابات عادلة واجراء الانتخابات في موعدها وفق ما نص عليه القانون ودستور الطائف، وقد سبق أن أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها على أساس قانون جديد يتم التوافق عليه بين اللبنانيين.

وتصب تأكيدات رئيس الجمهورية والحكومة في اتجاه واحد هو التوافق وليس فرض قانون انتخابي بقوة الأكثرية وعلى حساب خصوصيات الطوائف وصيغة العيش المشترك بما يعني حكماً مراعاة الخصوصية الجنبلاطية لجهة اعتماد القانون الأكثري أو المختلط الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه برّي ويروج له اليوم رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بالتفاهم مع التيار الوطني الحر الذي تخلى كما يبدو من مجريات الأمور عن النسبية الكاملة وانضم إلى حليفه الجديد حزب القوات اللبنانية، بالنسبة إلى القانون المختلط الذي وضعه في الأساس وتبناه الرئيس برّي بمثابة تسوية يمكن ان تكون مقبولة من كل المكونات السياسية والطائفية.

وإذا ما سارت الأمور على هذا الأساس واقتنع أخيراً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، بأن لا بديل عن المختلط واقتنعت بقية الأطراف ولا سيما القوات والتيار الوطني الحر بأن لا بديل عن ضم دائرة عاليه إلى الشوف انتخابياً تكون كل الأبواب قد فتحت أمام إجراء الانتخابات النيابية في الخريف المقبل بحكم لزوم التمديد التقني الذي يوجبه القانون المختلط أما إذا استمر جنبلاط متمسكاً بموقفه، فإن الانتخابات لا بدّ وأن تجري في موعدها وعلى أساس قانون الستين بعد تجميله بإدخال تعديلات يرضى بها تحالف القوات والتيار الوطني الحر على اعتبار أن حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل لا يعارضون في نهاية المطاف على التوازن القائم حالياً وعلى نظرية حكم الأقوياء.