مسخرة المساخر ان تقف موسكو وطهران الى جانب النظام السوري في معارضته تشكيل التحالف لضرب “داعش” والارهابيين، ففي النهاية كل حديث عن سيادة بلد مدمر حوّله النظام مقبرة لأكثر من مئتي الف قتيل هو من باب الوقاحة، وخصوصاً ان الارهابيين يفرضون الآن “سيادة الذبح” التي تروع العالم .
ثلاثة اعوام ولم يتوقف سيرغي لافروف عن اتهام المعارضة السورية بالإرهاب، ولم ينفك الايرانيون عن الادعاء ان هذا النظام يقاتل الارهابيين، والآن بعدما برز الارهاب الحقيقي الذي أُخرجت نواته من السجون السورية والعراقية وسبق له ان قاتل المعارضة دعماً للنظام السوري، لا يتوانى الروس والايرانيون في الوقوف الى جانب الاسد في معارضة ضرب الارهابيين، ولكل منهم أسبابه المفعمة بالانتهازية:
بالنسبة الى الاسد، كان يأمل في ان ينضم الى التحالف وان يعوّم نفسه بعدما دمّر سوريا وساهم في خلق “داعش” وأخواتها، ولأن من غير المعقول معالجة المشكلة بالتعاون مع من تسبب بها، استُبعد من التحالف فلم يتوان في الحديث عن معارضته وإمكان مقاومته اي عمل عسكري دون التنسيق معه، وهو مستمر في عرض خدماته التي يعرف الجميع انها مؤذية، على خلفية ان العالم لن يضرب الارهابيين ليكافىء مَنْ شجعهم ولأن السوريين يستحقون خيارات اخرى غير الديكتاتورية او الارهاب.
بالنسبة الى الايرانيين، ليس هذا وقت البازار النووي، فالأمر لم يعد مناورة سياسية، انه حرب على “داعش” التي يقاتلونها هم في العراق، فهل يقبلونها في سوريا بحجة ممجوجة هي انتهاك سيادة سوريا، على ما قال علي شمخاني، ولكأنهم احترموا او يحترمون هذه السيادة أصلاً؟
ثم ان حسابات حقول الدم في سوريا لم تطابق حسابات الذبح الداعشي، ذلك ان النظام الذي شكّل جسراً حيوياً للنفوذ الايراني الممتد من مشهد الى صور مهدد بالسقوط والاختفاء، بما يعني خسارة طهران نظاماً كانت تديره كما تشاء، واستطراداً ورقة ضغط مهمة في البازار النووي.
اما بالنسبة الى الروس فيبرز البازار الأوكراني في مقدم حساباتهم الراهنة، وخصوصاً في ظلّ العقوبات الأميركية والغربية المتصاعدة ضدهم، ولكن خسارتهم ستكون مزدوجة تماماً مثل خسارة الايرانيين، اي انهم سيخسرون حليفاً هو النظام الذي حموه بالفيتو وبجسور السلاح الجوي منذ ثلاثة اعوام، وخسارته تعني عملياً سقوط اوراق حيوية طالما احتفظوا بها في سياسات وموازين القوى في منطقة الشرق الأوسط.
منذ أن أعلن جون كيري ان لا مكان لا للنظام السوري ولا للإيرانيين في التحالف ضد “داعش”، سارعت دمشق الى الدعوة لقيام تحالف يضمها الى طهران وموسكو لمواجهة الإرهاب، لكن الأمر بدا مسخرة وقحة اين منها مسخرة حديث سيرغي لافروف عن احترام القانون الدولي الذي يدوسونه في اوكرانيا!