البلد بكامله مع سياسييه وشعبه «معطوب» طوال شهر ايار الحالي بفعل الانشغال الكبير بالانتخابات البلدية التي تحولت الى معارك حقيقية من حي الى حي ومن شقة الى اخرى بحيث تحول البلد الى حقل من الخلافات المتنوعة وبات المواطن حائراً كيف تحالفت الاحزاب فيما بينها بشكل عجائبي فبات حزب الله في اكثر من موقع خصماً للتيار الوطني الحر والقوات يحاربها تيار المستقبل والكتائب اللبنانية تتحالف ضد حلفائها، هذا المزيج العجيب من الوحدة الموقتة يمكن ان يستجلب اعادة تموضع للعديد من القوى السياسية ويتم اسقاطها على استحقاقات اخرى، الا ان الثابت في السياسة اللبنانية ان لا شيء فيها جامد بل متحرك ويفوق بمشهده قوة العجائب!!
وتقول اوساط سياسية مطلعة ان ما يحصل في مدينة زحلة حيث اعلام التيار الوطني الحر داخل بيت الكتائب وكيف يتجمع الكتائبيون والتيار والقوات في الساحات والشوارع يوزعون اللوائح بصفة مشتركة، وكيف لحزب الله ان يعمدالى تسمية مرشحين معينين لانتخابهم وفق اجندة غير واضحة اقله في هذه المعركة، وها هي جونيه تتواصل مع زحلة وفق المعايير نفسها وتجد ان المعركة بين القوات اللبنانية من جهة والتيار الوطني والكتائب من جهة مقابلة، لا شك تقول هذه الاوساط ان من أراد اعطاء صفة الديموقراطية على البلد الذي يمدد لمؤسساته الدستورية المرة تلو الأخرى ويفسح المجال لانتخابات بلدية يمكن ان يكون الخطر فيها اكبر بكثير على الصعيد الامني لتخلص الى الاعتبار ان المجالس البلدية لا يمكن ان تتأثر بالمعادلة الدولية التي تربط الاستحقاق الرئاسي في مكان ما ولا تفرج عنه فيما لم يتم تعطيل البلديات فقط لاجراء فحوصات معينة لتحالف من هنا او هناك وخصوصاً بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لوضعها في وضعية جس النبض حول استحقاقات اخرى.
ولا يمكن لهذه المهزلة تضيف الاوساط، ان تتم على حساب تعطيل البلد فقط من اجل رؤية احجام البعض، وبالرغم من هذه المراهنة العمياء فان حقيقة الوضع تنبىء بأن الاستحقاق البلدي لا يمكن ربطه عضوياً بانتخابات المجلس النيابي ففي البلدية عائلات وعشائر وصلات القربى لا يمكن البناء عليها لتكوين نظرة مستقبلية حول الاحجام فيما الاستحقاق النيابي يتم خوضه على خلفية حزبية بالتمام كما يحصل في بيروت وغيرها من المدن، اذن حسب هذه الاوساط ان هذا الرهان خاطىء وبالتالي توجهات الحكومة سلبية، وكان الاجدر بها اجراء الانتخابات النيابية ما دام الوضع يسمح بذلك ولكن كفة الميزان الحزبية التي ستنتج عن النيابية هذه هي التي تمنع اجراء هذا الاستحقاق على خلفية ارتباط قوة الكتل النيابية بالاستحقاق الرئاسي وهذا بالذات لديه امتدادات لا يمكن العبث بها لاغراض الحساب في الربح والخسارة.
اذن فان الدولة اللبنانية وكافة الاحزاب السياسية والتيارات خافت من ان تعمد الى تطيير البلديات على حدّ قول الاوساط، ولم يجرؤ اي فريق على تبني هذا التعطيل، اما المجلس النيابي فهناك مروحة واسعة من اهل الحكم لا يريدون بشكل علني اجراء انتخابات نيابية ليس خوفاً من الحوادث الامنية انما رعباً من النتائج التي ستظهر لاحقاً وتحدد حجم كل كتلة نيابية جديدة، وهنا بالذات يكمن التعطيل الحقيقي لنصوص الدستور وليس بالتمديد للبلديات انما للمجلس النيابي مرتين متتاليتين دون ان يرف جفن اي من بعض المسؤولين المتمسكين بمقولة انتخاب رئيس جديد للبلاد بواسطة هذا المجلس بالذات وذلك للتحكم بمفاصل العملية الرئاسية ككل ومنع فريق معين من الوصول الى سدة الرئاسة، وتأسف هذه الاوساط ان يكون العمل السياسي الديموقراطي في لبنان قد وصل الى هذا الدرك من الاستخفاف بعقول الناس واستعمال مقولة صيف وشتاء على سطح واحد وهذا امر يجب الخلاص منه بتشجيع الروابط والاندية الاجتماعية والمنتديات المدنية من اجل ان تثور على الواقع ولكن في كل مرة تحاول هذه القوى النزول الى الشارع بتذرع اهل الحكم ان الوضع الامني لا يسمح بالتظاهرات فيما باستطاعته القيام بانتخابات بلدية على وسع الوطن دون ضربة كف، هذا كذب ورياء تقول هذه الاوساط التي تعتبر ان التعطيل الحقيقي نابع من المجلس النيابي نفسه والحكومة على حد سواء وفق مصالح حزبية وسياسية ضيقة لا تمت الى مصلحة الوطن بل تزيد الكيدية واعمال الثأر تحت المسمى السياسي.