يفترض أن يصل اليوم إلى بيروت الوفد الروسي للبحث في تفاصيل تشكيل اللجنة المشتركة مع لبنان وأميركا لتنظيم عودة النازحين السوريين، واضح أنّ الروس والأميركان مستعجلين أكثر من لبنان الرسمي في هذا الملفّ، وهذا أمر يبعث على التفاؤل.
وبحسب ما تم تداوله أمس عن هذا الوفد يفترض أنّه يضم 13 شخصاً برئاسة الموفد الخاص للرئيس الروسي بوتين وهو الكسندر لافراتييف ويضم أيضاً نائب وزير الخارجية سيرغاي بيرشيمين وعدداً من الجنرالات والديبلوماسيين المساعدين، وهذا يعني أنّ الرّوس قادمون وبمنتهى الجديّة لإنهاء هذا الملفّ الشّائك والشديد الحساسيّة بالنسبة للبنان، وبحسب ما تمّ تداوله بالأمس عن أنّ الجانب اللبناني سيستمر بتفويض ملف النازحين للواء عبّاس ابراهيم الذي يتابعه من بدايته لما له من طابع امني، ولنا ملء الثّقة باللواء ابراهيم وحكمته وإدارته لهذا الملفّ.
هذه الجديّة الروسيّة فضحت الذين تولّوا الضغط على الحكومة اللبنانيّة لمفاوضة النظام السوري في هذا الملفّ تحديداً، الموقف الروسي ضربة قاضية لهؤلاء لأنّ النظام السوري أساساً يسعى لابتزاز لبنان وحكومته وسمح بعودة مئات من آلاف رغبوا في العودة الطوعيّة، هذا النّظام لم يرَ منه لبنان إلا الضرر والأذى والاستهتار والاحتقار والتآمر والحقد في أيام الحرب وفي أيام السّلم، هذا نظام ابتزّ اللبنانيين حتى آخر قطرة دم، ونهب اقتصاد وأموال لبنان نهباً منظّماً، ومن الجيّد أن ملفّ اللاجئين سَحبتْه روسيا من يده، مثل ملفّات أخرى كثيرة، ومن العجب أنّ فريق التبعيّة لهذا النّظام ما يزال يضغط «لتطبيع» العلاقة معه، وكأنّه ما زال نظاماً وما زال قائماً، إنّه نظام صوري لا يملك حتى أمر نفسه!
ملفّ عودة اللاجئين حسّاس، ويجب أن تكون تفاصيله وأرقامه وترتيباته ومدّته الزمنيّة معلنة، يحتاج اللبنانيّون أن يثقوا بأنّ جحافل اللاجئين هذه لن يكون مسار عودتها يسير ببطء سلحفاة، وأن يترافق مع تدابير جذريّة تتعلّق تنهي مأساة استنزاف اقتصاد لبنان واستباحة سوق العمل فيه، وهذا دور وزارة الاقتصاد ووزارة العمل ووزارة التربية والبلديّات، هذه لحظة دوليّة مؤاتية وجديّة والمستفيد الأوّل والأخير منها لبنان، وللمناسبة، نحن لا نطالب هنا بإعادة اللاجئين بلمح البصر، بل نطالب أن يكون أداء الحكومة اللبنانيّة واضحاً وشفافاً لأنّنا نتوجّس خيفة من موضوع «التعلّق اللبناني» بالمساعدات الدوليّة للاجئين، خصوصاً وأنّ عام دراسي جديد سيقرع الأبواب في أيلول المقبل.
الشفافيّة في هذا الملفّ مطلوبة إلى أبعد الحدود، ما الذين سيأتي به الوفد الروسي يجب أن يكون معلناً وواضحاً، وأداء وسلوك الموقف اللبناني يجب أن يكون واضحاً ومعلناً، لن يقبل اللبنانيّون بأقلّ من ذلك، فقد أدّى لبنان قسطه للعلا في هذا الملفّ، «وكفاها المولى».
ولنكن واضحين، توجساتنا ليست من الاتفاق الروسي ـ الأميركي في هلسنكي، توجساتنا الحقيقيّة لبنانيّة فالوضع الاقتصادي صفر بل وتحت الصفر، وهناك مطامع بالمساعدات الدوليّة التي إن توقفّت ستكشف خيمة الستر عن الوضع الحقيقي للبنان واقتصاده، البلد يعيش بتقنيّة «تلبيس طرابيش»، والشعب في أزمة حقيقيّة وضائقة كبرى ولا حياة لمن تنادي!
ممنوع التلكؤ والتباطؤ في حلّ ملفّ اللاجئين السوريّين تمهيداً لإقفاله وإزاحة هذا العبء عن كاهل اللبنانيّين، والمطلوب شفافيّة تامّة تتيح للشعب اللبناني أن يكون مطّلعاً على كافّة مراحل خطّ سير عودة اللاجئين إلى بلادهم سالمين.