Site icon IMLebanon

الروس قادمون، الروس قادمون

عندما التقى فلاديمير بوتين نظيره الأميركي باراك أوباما الاثنين، تحدث بوتين باسم التجمع الرباعي الجديد: روسيا، سوريا، إيران والعراق. اللقاء، وهو الأول منذ سنتين للرئيسين، جاء بعد أسابيع من الحشود العسكرية الروسية في محيط مدينة اللاذقية، الأمر الذي لم يغيّر طبيعة السجال حول الحرب في سوريا وما هو الحل الأفضل لها فحسب، بل غيّر أيضاً الأوضاع الميدانية. والتدخل العسكري الروسي في سوريا، هو ثاني تدخل عسكري كبير يبادر إليه بوتين خلال 18 شهرا، بعد احتلاله وضمه شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. وفي خطابه في الأمم المتحدة، لم يتحدث بوتين فقط عن صون “سيادة” سوريا بل عن التزامه إبقاء بشار الأسد في السلطة، زاعماً ان الخطر الحقيقي والآني في سوريا هو “داعش” والقوى الاسلامية المعارضة، والتي ينظر بوتين اليها كلها على انها إرهابية.

ويسعى بوتين من خلال هذا الطرح إلى تغيير طبيعة النقاش في شأن الحرب في سوريا من خلال استغلال مخاوف الغرب من خطر داعش، وهو الخطر الذي تحول حديثاً الى هاجس غربي، ذلك ان هناك تركيزاً كبيراً على دور “الجهاديين الأجانب” بمن فيهم القادمون من مجتمعات غربية. ويقول بوتين لأميركا وحلفائها الأوروبيين: اذا اردتم القضاء على “داعش” عليكم التنسيق مع التجمع الرباعي الجديد. وفق هذا التقويم السوريالي للواقع السوري، يتحول خطر نظام الأسد (المسؤول الحقيقي والأبرز عن تحويل سوريا الى مقبرة جماعية وتهجير أكثر من أربعة ملايين سوري، واقتلاع ثمانية ملايين منهم) الى خطر ثانوي في الخلفية. هذا التشويه لحقيقة الحرب في سوريا بدأ يجد من يقبله في الغرب، إذ رأينا مستشارة المانيا انغيلا ميركل تدعو علناً الى التفاوض مع نظام الأسد، ومناوئاً لنظام الأسد مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحتى وزير الخارجية الأميركية جون كيري يتحدثان عن التعايش مع الأسد ليس فقط كمشارك في العملية الانتقالية (وفقاً لاتفاق جنيف) ولكن ابداء المرونة حيال التفاوض في شأن طول المرحلة الانتقالية.

طرح الخيارات على انها فقط بين نظام الأسد من جهة او “داعش” و”النصرة” من جهة أخرى هو تزوير وتشويه للخيارات الحقيقية. الذين يدّعون ان مواجهة “داعش” بصفته الخطر الآني والمميت يقولون لنا عملياً ان الأسد سوف يبقى في الحكم الى ما لانهاية. الحقيقة التي لا تقبل التأويل هي ان نظام الأسد هو المسؤول عن قتل اكثر من 95 في المئة من السوريين وتهجيرهم. هذا ما تؤكده اكثرية اللاجئين. الأسد هو الجاذب الرئيسي للجهاديين الدمويين. التخلص من وحشية “داعش” يبدأ بالتخلص من البربرية الأبشع لنظام الأسد.