السباق الديبلوماسي مع الحرب الواسعة على لبنان التي يخشاها العدو الإسرائيلي
تتوسع رقعة المواجهة العسكرية بين حزب الله وجيش العدو الاسرائيلي عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فكانت في بقعة جغرافية محددة عند الخط الازرق، وبعمق 2 كلم من جانبي الحدود، لتصل الى ابعد من ذلك، فوصل العدو الاسرائيلي باعتداءاته الى 40 كلم احيانا، الى الزهراني والنبطية وجبل الريحان، وضربت المقاومة مؤخرا مواقع عسكرية ومستوطنات في مسافة 9 كلم. فارتفعت حدة المعارك العسكرية، ودخل سلاح جديد الى المعركة، فاستخدم الاحتلال الاسرائيلي قنابل فوسفورية بيضاء محرّمة دولياً زودته بها اميركا، التي نبهت قادة العدو الى عدم اللجوء الى هذا السلاح الا في حالات محددة، في وقت اخرج حزب الله من مخازنه صاروخ “بركان”، الذي له مفاعيل مدمرة، اضافة الى القذائف الصاروخية والرشاشة بما يناسب العمل العسكري.
فالجبهة الشمالية مع لبنان، هي ما تعني العدو الاسرائيلي، الذي يخوض حرباً في غزة، يزعم انها ضد معركة حماس للقضاء عليها، لكنه يرتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني، تنفيذاً لشعاره التاريخي التلمودي “ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض”، وهذه خطة الحركة الصهيونية، التي ارادت الاستيلاء على فلسطين واجتثاث شعبها، لتبرير اقامة “الدولة العبرية” من الفرات الى النيل. وبدأ قادة العدو عبر العصابات التي أنشؤوها في فلسطين، بارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين منذ ثلاثينات القرن الماضي، لاجبارهم على ترك ارضهم، وهذا ما حصل وما زال منذ العام 1948، لكن غزة اكدت تمسك الفلسطيني بارضه.
والتصعيد العسكري في الجنوب اللبناني، المتزامن مع استمرار الحرب على غزة، له هدف عند العدو الاسرائيلي، وهو اقامة منطقة آمنة جنوب الليطاني، والبداية تبدأ باخراج قوة الرضوان التابعة لحزب الله من الحدود، والتي يقدر عددها بنحو 8 آلاف مقاتل، تم تدريبها للدخول الى الجليل الاعلى في فلسطين المحتلة، وهذا اول شرط “اسرائيلي” لعدم شن حرب على لبنان، اعلنه وزير الحرب يواف غالانت، والا سيفعل في لبنان كما فعل في غزة، وسيدمر بيروت وطبعا الضاحية وكل المرافق الحيوية، بما فيها المطار ومحطات توليد الكهرباء والمياه والطرقات، وهو ما لجأ اليه العدو الاسرائيلي في حربه عام 2006 من ضمن “بنك اهداف” يعيد تكراره، ولكن هذه المرة باضافة عبارة انه سيعيد لبنان الى “العصر الحجري”.
تهديد العدو ليس الاول، وقد ظهر مع انخراط حزب الله في معركة المساندة لغزة ضد العدو الاسرائيلي، وارادها موضعية، كما يقول قادة الحزب وامينه العام السيد حسن نصرالله، الذي ربط اتساع الحرب بالميدان والتطورات العسكرية في غزة، التي ليست بحاجة حتى الآن الى مؤازة واسعة من حلفائها، بل عمليات محددة يقومون بها في العراق واليمن ولبنان وسوريا، بما يناسب الميدان ويؤكد على وحدة الساحات.
لكن يبقى لبنان، هو الشاغل الاساسي للعدو الاسرائيلي، الذي يعرف قدرات حزب الله القتالية وما يملكه من سلاح، لا سيما الصواريخ المتطوعة، بحيث يقدّر “مجلس الحرب الاسرائيلي” (“الكابينت”)، امتلاك المقاومة في لبنان لاكثر من 150 الف صاروخ، بحيث يمكنها اطلاق نحو ما بين الف او الفي صاروخ يومياً، على اهداف عسكرية ومرافق عامة وتدميرها، وهذا ما يؤخر العدو الاسرائيلي عن فتح “الجبهة الشمالية” مع لبنان بشكل واسع، وضرب بيروت، لان الحرب ستكون شاملة، وهذا ما يقلق واشنطن ودولا اوروبية، لا سيما فرنسا، وفق ما يكشف مصدر حزبي في خط المقاومة، الذي يشير الى ان حزب الله لا يسعى الى الحرب الواسعة، وهو لجأ الى معركة اشغال العدو عند الجبهة الشمالية، وقد نجح في فرض نزوح نحو 75 الف مستوطن من 27 مستوطنة، وزج الجيش بثلاث فرق عسكرية في الشمال، وتكبد خسائر اقتصادية، وشلل في المؤسسات العامة والخاصة.
هذه الحالة داخل “اسرائيل”، بدأت كابوساً ومأزقاً لقادة العدو، الذين يتعرضون لضغط المستوطنين بالعودة الى مستوطناتهم، ولكن من دون وجود قوة الرضوان، وهذا سيكلف الكيان الصهيوني حرباً مع لبنان، والتي سبق وجربها صيف 2006 ولم يخرج منها بانتصار، كما في غزوه صيف 1982، اذ سقطت كل اهدافه. وهو اليوم يخشى ان تكون اي حرب واسعة جديدة يهدد بها، السيطرة على الجليل الاعلى، واقامة المقاومة لـ “حزام امني” يضرب هدف “اسرائيل”، اقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني، ينتشر فيها الجيش اللبناني مع قوات الامم المتحدة، وهذا ما تحفظ عنه حزب اللهاثناء البحث في بنود القرار 1701، الذي لم يتمكن العدو الاسرائيلي وراعيته اميركا واطراف لبنانية، من وضعه تحت الفصل السابع، او تطبيقه من قبل قوات دولية. وقد سبق ان حضرت “قوات متعددة الجنسيات”، بغالبيتها اميركية، الى لبنان اثناء الغزو الصهيوني، وبعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية منه، لمساعدة “الحكم الكتائبي” في لبنان، وخرجت منه تحت ضربات عسكرية.
فالديبلوماسية تسابق “الحرب الاسرائيلية” الواسعة التي يهدد العدو بها في لبنان، بعد ان امسك حزب الله بالجبهة الجنوبية من الناقورة الى مزارع شبعا، حيث ينشط الموفدون الفرنسيون والاميركيون لمنع توسع الحرب، وتدهور الوضع العسكري في الجنوب، والاسراع في تطبيق القرار 1701، حيث رمى لبنان الكرة في ملعب العدو الاسرائيلي، وهذا ما ابلغه الرئيس نبيه بري للموفدين الدوليين، بان تنفيذ القرار يبدأ من الكيان الصهيوني المعتدي، وليس من لبنان المعتدى عليه منذ العام 1948، فمَن يريد منطقة آمنة ومنزوعة السلاح هو لبنان، لان شمال “اسرائيل” تحديداً، فيه عسكرة للمستوطنات وفرق وثكنات عسكرية.