IMLebanon

ما هي نتائج الاتفاق السعودي – الإيراني… ومتى تظهر في لبنان؟

طهران تترك الموقف لحزب الله… والسعوديّة مع سياسة اللّاغالب ولا مغلوب

 

برزت مؤخرا تطورات متسارعة تؤشر الى حصول انفراجات قريبة في المنطقة على اكثر من محور. لكن هذا المناخ الايجابي في الخارج لم ينعكس حتى الان على لبنان الغارق في ازمته الساسية وانهيار اوضاعه الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

 

لماذا هذا التناقض بين مظاهر الانفراجات الخارجية والتأزم الداخلي المستمر؟

 

قبل الاجابة عن هذا السؤال لا بد من عرض وقراءة التطورات الاخيرة في المنطقة، والوضع الداخلي اللبناني.

 

سبق اعلان الاتفاق السعودي الايراني برعاية الصين اشارات من مسؤولي البلدين الى الرغبة المشتركة في الانتقال من سياسة الاشتباك الى سياسة التواصل تمهيدا لانهاء القطيعة بينهما والدخول في مرحلة جديدة من التفاهم على ملفات حيوية وحساسة تتجاوز العلاقات الثنائية الى قضايا كانت ابرز اسباب تدهور الوضع بين البلدين لا سيما الحرب في اليمن وتعاطي كل منهما مع الوضعين السوري واللبناني.

 

وجاء اتفاق بكين ثمرة جهود طويلة لترجمة هذه الرغبة المشتركة، فاتحا صفحة جديدة بين الرياض وطهران مبنية على اسس وعناوين جرى التفاهم مبدئيا عليها دون ان ترد في نص الاتفاق.

 

وفي اعتقاد مصادر سياسية ان اعلان الاتفاق وتوقيته اخذ بعين الاعتبار جملة خطوات لترجمة هذا الانقلاب الايجابي في العلاقة بين البلدين. وما يؤكد ذلك ما ظهر بعد ايام قليلة من اعلان الاتفاق من خطوات على ارفع مستوى وفي مقدمه الاعلان عن القمة السعودية الايرانية المرتقبة بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي في المملكة. وكذلك بدء التحضير لاجتماع العمل بين وزيري خارجية البلدين للبدء في ترجمة اتفاق بكين اكان على صعيد اعادة العلاقات الدبلوماسية ام على صعيد اعادة العمل بالاتفاقات الامنية والتجارية بين البلدين وفتح الباب امام مزيد من التعاون المشترك.

 

ولا يقل اهمية ما يجري على محور الانفتاح العربي على سوريا في اطار اعادة تطبيع العلاقات بين العواصم العربية ودمشق، والتي بدأت اصلا من فترة غير قصيرة على صعيد عدد من الدول وسوريا ومن بينها دولتان خليجيتان: الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.

 

وعلى هذا الصعيد لا بد من التوقف عند الاشارات الايجابية التي ظهرت في الاونة الاخيرة بين السعودية وسوريا لا سيما بعد الزلزال الذي ضرب المناطق الشمالية السورية، وكذلك عند الاجواء المتنامية لعودة دمشق الى جامعة الدول العربية.

 

ومما لا شك فيه ايضا ان الانفراج الذي يسجل على صعيد العلاقة بين ايران والحوار العربي لا سيما مع دول الخليج، يترافق مع خطوات متقدمة لاعادة العلاقات بين مصر وتركيا، ومساع روسية جادة لمعالجة الازمة بين سوريا وتركيا وفق ثوابت تعمل على بلورتها، آخذة بعين الاعتبار مواقف الرئيس الاسد الاخيرة بشان ضمان انسحاب تركيا من الشمال السوري وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، والالتزام بتاكيد وحدة سوريا في اطار السلطة الشرعية والدولة السورية.

 

وفي نظر المصادر ان مفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني وتسارع الانفتاح بين البلدين يفترض ان تنعكس بطبيعة الحال تعاطيهما تجاه اوضاع بعض الدول، لا سيما على اليمن ولبنان وسوريا. وبالنسبة لليمن، ترى المصادر، ان الهدنة السابقة في اليمن لم تكن من دون ارادة مشتركة ايرانية سعودية، وان الاتفاق اليوم بين البلدين يحمل معه عناصر جديدة من شأنها ان ترسي هدنة جديدة اكثر ثباتا وتمهد لمفاوضات جدية في اجواء ايجابية لانهاء الحرب والولوج الى حل سياسي للازمة في اليمن.

 

ويأتي بعد اليمن الوضع في لبنان وسوريا بتراتبية واحدة، حيث بات واضحا قرار الرياض بالانفتاح على الدولة السورية وما يمكن ان ينتج من هذا التطور في العلاقة من نتائج على صعيد توفير عناصر اضافية لتعافي سوريا ام على صعيد اعادة البناء بعد حل الازمة.

 

اما بالنسبة للبنان فان الانفتاح السعودي – الايراني من شأنه ان يخفف التشدد السعودي في التعاطي مع الازمة اللبنانية، ويخفض منسوب التوتر مع حزب الله، دون ان يعني ذلك تطبيع العلاقة معه.

 

ومقابل هذه الاجواء الايجابية الخارجية، يبدو المشهد الداخلي اللبناني على تعقيداته، لا سيما ان مواقف الاطراف من الازمة والاستحقاق الرئاسي ما زالت على حالها كما كانت قبل الاتفاق السعودي – الايراني، على الاقل في المرحلة الراهنة.

 

ويقول مصدر حزبي خارج الممانعة والمعارضة “السيادية”، ان هناك اسبابا عديدة تحول دون انعكاس الانفراجات الخارجية بشكل تلقائي وسريع على لبنان ابرزها:

 

١- ان الاتفاق السعودي الايراني اخذ بعين الاعتبار جدول اولويات، وان الوضع اليمني على رأس هذه الاولويات بناء على رغبة السعودية. لذلك فان لبنان ياتي في المرحلة الثانية، لكن هذا لا يعني انتظار انتهاء حل الازمة اليمنية للتعاطي مع وضعه، وانما من المكن بل المتوقع ان تبدأ انعكاسات الاتفاق على لبنان مع التفاهم السعودي الايراني حول وضع الحل اليمني على السكة.

 

٢- تحرص كل من طهران والرياض على مراعاة علاقاتها مع الاطراف الحليفة في لبنان. وتفضل ايران الاستمرار في النهج الذي اتبعته مع حزب الله من البداية بان تترك له تقدير واتخاذ الموقف المناسب من القضايا المتعلقة بلبنان. لكن الاتفاق لا بد ان ينعكس بشكل او باخر على مواقف الحزب من هذه القضايا.

 

اما السعودية، فهي لم تعد منذ فترة طويلة تحبذ ان يكون لها وكيل سياسي في لبنان، وقد لجأت الى انشاء شبكة علاقات مع اطراف خارج الصف السني مثل القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب. وهي ترغب بمراعاة هذه العلاقة ولا تريد ان تفرض او تسقط رايها اسقاطا على هذه الاطراف بقدر ما تحبذ ان تكون الحلول على طريقة اللاغالب ولا مغلوب. وهذا التوجه او الاسلوب يحتاج الى بعض الوقت.

 

٣- يؤدي الخلاف والحسابات الداخلية اللبنانية لا سيما حول ملف على مستوى انتخاب رئيس الجمهورية دورا مهما في اطالة امد الازمة، خصوصا ان الاطراف المتصارعة قادرة على تبادل الفيتوات في ظل تركيبة المجلس النيابي والمعادلة المعقدة التي انتجتها الانتخابات النيابية.