مفاعيل الاتفاق السعودي – الإيراني بدأت تتظهر في المنطقة، فالاتفاق غيّر الكثير من المفاهيم السياسية، وقلب الأمور رأسا على عقب، وأولى المتغيرات التقارب السعودي – السوري وتحضير الطاقم الديبلوماسي للسفارة السعودية في دمشق، مع توقع حصول تطورات قريبة ستكشف، كما يتناقل ديبلوماسيون في الملف اليمني.
لبنانيا، الجميع في حالة انتظار لانعكاسات هذا الاتفاق على الملف الرئاسي، لكن من الصعب بعد تحديد ما إذا كان سيساهم في تسريع الانتخابات الرئاسية لسببين أساسيين: أولا، لأن التأثيرات الإقليمية وان كانت مهمة، لكنها لا تأتي وحدها بالحل، وثانيا، لأن هناك العديد من اللاعبين المؤثرين في الاستحقاق الرئاسي من دول القرار، إضافة الى اللاعبين في الداخل والتوازنات السياسية. وقد دعا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى حل الشأن الرئاسي بالحوار بين اللبنانيين، مشيرا الى ان الهدوء الإقليمي يساعد في الانتخابات الرئاسية.
فحزب الله، كما تقول مصادر سياسية، يتعاطى بواقعية مع الملف الرئاسي، فالاتفاق الخارجي يسهّل التوافق الداخلي رئاسيا، لكنه لا يلغي العقبات الكثيرة، فخصوم الثنائي الشيعي يتمسكون بـ “فيتو” تعطيل جلسات الانتخاب، ولم يصلوا بعد الى تحديد أهدافهم والتوافق على مرشح واحد لهم. فالمعارضة النيابية لم تحدد أهدافها للجولة المقبلة، وهي غير قادرة على بلوغ سقف الأصوات الذي يتيح لمرشحها الفوز في الانتخابات، وبات واضحا ان كل فريق يغني على ليلاه رئاسيا، فرئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” لديه سلة مرشحين للرئاسة، وساوى مرشح المعارضة ميشال معوض بمرشح الثنائي بوصفهما مرشحي تحد، فيما رئيس حزب “القوات” يفضل الفراغ على انتخاب رئيس.
وعليه يمكن القول، وفق مصادر سياسية، ان الاتفاق ساهم في تخفيف الضغوط والتشنجات القوية، لكنه ليس كافيا لاستيلاد رئيس للجمهورية، فنظرية المقايضة الدولية والقول ان التنازل في اليمن سيقابله تنازل في بيروت، ليست في مكانها الصحيح، ويمكن الجزم وفق مصادر سياسية، بفشل المقايضة التي حكي عنها بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
داخليا، بات واضحا ان الثنائي يسير بمعركة فرنجية الى النهاية، متكلا على تشتت الفريق المعارض الذي لا يملك خطة “ب” رئاسية بديلة عن ترشيح النائب ميشال معوض، وسط تشرذم المعارضات في ساحة النجمة، ويمكن الاستناد ايضا الى التباعد الرئاسي بين معراب وكليمنصو في حرب المواقف والبيانات بالمقاربات الرئاسية المختلفة.
وعليه، فان الملف الرئاسي لم يحن موعد حسمه بعد، في مرحلة كسب الوقت التي يجريها الأطراف لتحسين الشروط، فسليمان فرنجية لم يعلن ترشحه رسميا بعد للانتخابات، بانتظار جلاء الصورة وحلحلة ما تبقى من عقد رئاسية، ووضوح الموقف النهائي السعودي، وقليل من التفاصيل المتعلقة بالتصويت، واحتساب الأصوات النيابية.
ملاحظات عديدة تحكم المسار الرئاسي اليوم، وهي دخول كل الأطراف في التهدئة، على الرغم من حماوة المعركة الرئاسية وغياب التشنج السياسي، فالنواب المسيحيون ذاهبون الى الصلاة في الخامس من نيسان في الصرح البطريركي على نية الاستحقاق، والنائب جبران باسيل الذي يخصص نهاية الأسبوع لترتيب وتنظيم التيار، في صدد اعادة حساباته، وربما التموضع الجديد بعد مشاكسة طويلة مع كل الأطراف، والذهاب الى مرحلة سياسية تقوم على قياس الأمور من منظار مختلف، بدءا بالعلاقة مع حزب الله التي شهدت توترا كبيرا في الفترة الأخيرة، وقد حملت مشاركة الرئيس السابق ميشال عون في قداس مار يوسف، رسائل واضحة عن استدارة متوقعة وتخفيف التشنج مع الحليف في “تفاهم مار مخايل”، الذي تفاقم مع ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية…
وعليه، من المتوقع حصول استدارة جديدة من التيار الى حزب الله سوف تظهر قريبا، كما تقول المصادر السياسية، حيث يحدد التيار الوطني الحر في مؤتمره التتظيمي نهاية الأسبوع، الخطوط العريضة لسياسته الرئاسية للمرحلة المقبلة.