IMLebanon

السعودية في موقع أقوى: ماذا عن لبنان؟

 

 

 

لا يُشبه الاتفاق السعودي-الايراني الذي تمّ التوصل إليه برعاية صينية، أياً من الاتفاقات السابقة، سواء منها الشفهية أو المكتوبة. سبق للسعودية أن صالحت محور الممانعة في أكثر من محطة، تلك كانت مصالحات لا تلبث أن يتم الطعن بها من قبل طهران، التي أطلق زعيمها الخميني، العنان لمعادلة تصدير الثورة، فكانت سياسة مدّ النفوذ بالعنف منذ العام 1979 وإلى اليوم.

 

لا يشبه الاتفاق السعودي-الإيراني، المرحلة السابقة حيث كان يشكل الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني أداة اطمئنان وتواصل، ولا يشبه مصالحة قمة الكويت مع النظام السوري. فقط يمكن اختصاره، بأنّه الانجاز الأول في ردع إيران، الذي نتج عن أسلوب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إدارة الصراع مع دولة الملالي.

 

دخلت السعودية إلى اليمن لدعم الشرعية وإحباط الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، وحققت نصف إنجاز، بمنعها الانقلاب من السيطرة على كامل اليمن، لكنها تعرضت لحرب استنزاف قاسية بالصورايخ الايرانية، التي كانت تطلق على السعودية ومنشآتها الحيوية، بإدارة مباشرة من الحرس الثوري وضباطه، وأحد هؤلاء نجا بأعجوبة من الاغتيال، في اللحظة نفسها التي اغتالت فيها الطائرات الأميركية قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

 

تعرضت السعودية لهجوم ايراني مباشر طاول أحدى أكبر المنشآت النفطية في العالم أي آرامكو، وسط صمت دولي وامتناع عن الرد، ما فرض عليها استمرار المواجهة في اليمن، لأنّ البديل، في ما لو انسحبت من اليمن، تحوّله إلى قاعدة ايرانية متقدمة في جنوب الخليج، قادرة على هز استقرار المملكة وكل دول المنطقة.

 

في موازاة حرب الاستنزاف هذه، كانت السعودية تتقدم إلى موقع أقوى في المنطقة. لم يستطع الاستنزاف الإيراني أن يؤثر على الاقتصاد السعودي الصاعد بسرعة. لم يستطع الاستنزاف الايراني أن يعطل دور المملكة وموقعها، فالسعودية اتجهت إلى المزيد من الانفتاح على المستويين الداخلي والدولي. أمّا ايران القوة التي كان يفترض بها أن تكون قطباً اقتصادياً اقليمياً، فقد تحولت إلى بؤرة معزولة في المنطقة والعالم، لا تصدر الّا الميليشيات والعنف والفوضى، ولا تعد شعبها الّا بالمزيد من السواد وانعدام الأمل.

 

لهذا بدا اتفاق الأمس بين السعودية وايران، اتفاقاً بين دولة إقليمية تعد نفسها بموقع أكثر قوة في المعادلة الدولية، وبين دولة معزولة، اقتصادها محاصر وشبه منهار، فقدت عناصر التأثير، إلّا من بعض القدرة على هز الاستقرار والاستثمار في الابتزاز الاقليمي للدول.

 

لهذا فإنّ الترجمات برعاية الصين سيكون اختبارها بدءاً من اليوم، حيث يتوقع استمرار ثبات الهدنة واستمرار الامتناع الإيراني عن استهداف السعودية، وإطلاق الحوار اليمني اليمني، سعياً للتوصل الى اتفاق دائم.

 

والترجمات برعاية صينية قد تصل إلى العراق وسوريا ولبنان، لكن ليس بنفس السرعة التي سيتحرك في الملف اليمني. لن نشهد حسب تمنيات الممانعة اللبنانية، تنازلاً سعودياً في لبنان، وعلى أقطاب الممانعة أن يدققوا بكلام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قال إنّ لبنان يحتاج إلى تفاهم لبناني لبناني، لا إيراني سعودي، وفي هذا الكلام تمسك بخريطة الطريق التي تبدأ من انتخاب رئيس غير تابع لـ»حزب الله»، قادر على رعاية تشكيل حكومة تبدأ بالاصلاح الفعلي، وهذه المواصفات لا تنطبق بالتأكيد على مرشح «حزب الله».