IMLebanon

الواقع الإيراني في الإقليم يناقض مكابرة نصرالله بانتصار محوره

 

يتمسّك «الثنائي الشيعي» بمرشحه سليمان فرنجية على قاعدة أنّه يريد حماية المقاومة، منطلقاً من أنّ مشروع الممانعة إنتصر في الإقليم وكذلك في لبنان. انتصار الممانعة وفق كلام أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله تجده أوساط أميركية مغايراً للواقع، مفنّدة واقع الإقليم العسكري والسياسي، إنطلاقاً من الإتفاق السعودي- الإيراني.

 

إذ تكشف الأوساط أنّ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، «الشيعي النشأة»، المتعاطف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان قد طلب العام 2015 من السعودية أن «تستلحق ذاتها» بالحوار مع إيران، لاعتباره أنّ المملكة كانت ضعيفة في تلك الحقبة، عشية الاتفاق النووي بين الدول الخمس زائد واحداً وبين طهران في تموز 2015. وذلك في مرحلة شهدت وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى سدّة العرش في كانون الثاني 2015، وإطلاق عملية «عاصفة الحزم» الدفاعية بإعلان التحالف السعودي- الإماراتي ومجموعة من الدول العربية عن التدخل العسكري لدعم الشرعية في اليمن وذلك في تاريخ آذار 2015، في ظل معاناة الدول العربية كلها من نمو «داعش» وانتشارها في كافة المجتمعات العربية. عندها أسقطت السعودية الإقتراح الأميركي.

 

حديثاً، في آذار 2023، حصل الإتفاق الإيراني- السعودي على وقع توازن مختلف كلياً يميل لصالح الرياض. فإيران تعاني من أزمة إقتصادية، ومحورها ليس بخير كما يعتبر السيد حسن نصرالله، ووفق قاعدة أنّ الطوائف والأنظمة والدول في الشرق الأوسط مرتبطة بالشخص أو الزعيم. فعلى سبيل المثال، إنفجر العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، وتمدّدت إيران بعد وفاة حافظ الأسد. كما في لبنان شكّل إغتيال بشير الجميّل خسارة مسيحية لبنانية، وكذلك اغتيال رفيق الحريري أدّى إلى إضعاف الطائفة السنية. وفي ما يخصّ إيران أتى مقتل قاسم سليماني قائد العمليات العسكرية – الأمنية في العام 2020 ضربة قوية لتمدّد إيران الأمني والعسكري في الإقليم، وانعكس تقلّصاً لنفوذها…

 

حالياً يبدو المشهد وفق الأوساط على الشكل التالي:

 

– العراق يواجه حالة تملّص من الهيمنة الإيرانية، فرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني على علاقة وطيدة مع واشنطن ودرجة تنسيق مرتفعة، ولم يطبّق حتى اليوم كل من الحكومة والبرلمان العراقيين طلب أميركا بسحب قواتها من العراق بعد مقتل سليماني، في وقت قاد زعيم التيار الصدري الشيعي في العراق مقتدى الصدر، إنتفاضة ضد إيران في تموز 2022 ورفعت شعارات «إيران برا» من قبل أنصاره، فيما الشيخ عمّار الحكيم رئيس تيار الحكمة، أقرب الى الخيار العربي من الإيراني، ووسيط بين طهران والرياض أحياناً.

 

– في اليمن ورغم مناورة الحوثيين لتأخير الحلّ السياسي الذي يتمّ درسه، فإنّ المسار نحو هدوء يريح السعودية ويؤمّن إستقراراً لهذه الدولة المجاورة.

 

– أمّا في سوريا التي سقط فيها لإيران آلاف المقاتلين وكذلك قيادات أمنية في عمليات اغتيال إسرائيلية ملتبسة، وقدّمت عشرات المليارات لحماية نظام الأسد، ارتفعت درجة الشكوك تجاه الرئيس بشار الأسد. إذ لم يتريّث للجلوس في «حضن» ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عند أول إشارة أرسلها له، لتجد إيران ذاتها أمام بداية إخراج سياسي لها من هذا البلد، بالتوازي مع ضربات إسرائيلية على قواعدها وعناصرها، تحت أنظار الجيش السوري.

 

– وفي لبنان حيث أقدم «حزب الله» على القيام بمناورة في أيار 2023 وتبعه كل من حركة «أمل» والحزب القومي السوري الاجتماعي، وكذلك إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان باتجاه الأراضي المحتلة في نيسان 2023، لا يبدو السيد نصرالله بالقوة التي يجاهر بها، ولذلك يتمسّك الثنائي بمرشّحهما الرئاسي تحت شعار حماية المقاومة بهدف الحفاظ على ما تبقّى…

 

إذ رغم سلاح «حزب الله» وكل طاقاته، لم يتمكّن من إيصال مرشحه إلى سدّة الرئاسة وبلغ عدد محوره النيابي51 نائباً فيما كان سابقاً يمتلك 74 نائباً كما فاخر سليماني في العام 2018، لا بل إنّ حليفه رئيس الجمهورية السابق ميشال عون يرفض بحدّة من خلال كلامه ومواقف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وصول فرنجية «مرشح الثنائي» إلى قصر بعبدا مشكّلاً بذلك تحدياً مباشراً لنصرالله وبري، من دون إغفال زيارته في 6 حزيران 2023 إلى الأسد على قاعدة أنه «تحت جناحه».

 

فالثنائي عون- باسيل اللذان قاد معركتهما «حزب الله» إلى رئاسة الجمهورية وفي الحكومات، إنفصلا عنه عملياً وذهبا في اتّجاه مغاير، وباتت ترتفع أصوات المواجهة للثنائي ومشروعه بما يحمل من تداعيات سلبية على لبنان وشعبه.

 

إن المشهد الواقعي لحضور إيران في الإقليم وكذلك لبنان، لا يعكس تفوّق الثنائي، ولا يعني أن يكون لبنان تعويضاً عن انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة، ولا يمكن للثنائي أو «الحزب» حصراً ترجمة تهديداته التي أرادها من مناوراته.

 

فالتفاهم السعودي- الإيراني الذي طوى صفحة المواجهات، التي كانت مكمن الابتزاز لإيران، وعطّلها الأمير بن سلمان الذي بات الغرب يطلب توسّطه مع إيران لمعالجة الملفات العالقة معها، سينعكس «انضباطاً» لأداء «حزب الله»، وسيترجم هذا الواقع المستجد في المنطقة باعتماد صيغة تفاهم القوى على كل من رئيس للجمهورية، ورئيس الحكومة، ووزراء الحكومة، وإصلاحات تنعش لبنان وتعيد الثقة فيه…