بعد 3 سنوات من المحادثات المعمّقة ليلاً ونهاراً، وبمساعدة أكبر دولة في العالم ألا وهي الصين… وفي قلب عاصمتها بكين، عُقدت الآلاف من الاجتماعات بين الوفدين السعودي والإيراني بمساعدة ومباركة من الصين.
طبعاً، عند التوقيع كان ذلك الحدث أهم وأخطر اتفاق بين العرب والفرس للأسباب التالية:
أولاً: إنّ الفرس يكرهون العرب حتى ولو وقّعوا اتفاقية معهم… إذ ليس التوقيع مهمّاً بل المهم هو التنفيذ… لأنه عند التنفيذ تُعْرَف النوايا.
ثانياً: كما علمنا فإنّ البند الأول من الاتفاق هو عن اليمن بدءاً بوقف الاقتتال، ثم تبادل الأسرى، ثم عقد اجتماعات بين رئيس اليمن وحكومته مع الحوثيين للاتفاق على إعادة الأمور الى نصابها.. وهنا وقعت المصيبة، إذ أصرّ الحوثيون أن يكون الاتفاق بينهم وبين السعوديين، خصوصاً ان تبادل الأسرى جرى بين الحوثيين والسعوديين أيضاً.
وهنا توقفت المباحثات والانتظار سيّد الموقف.
لقد فاجأنا وزير الطاقة الكويتي سعد البراك رجل الأعمال المميّز والأول في عالم الاتصالات عندما صرّح أنّ حقل «الدرة» هو حقل غاز كويتي – سعودي، وطلب من الايرانيين الجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل هذه المعضلة.
جاء كلام وزير الطاقة الكويتي بعدما لوّحت إيران بأنّ هناك استعدادات كاملة لبدء الحفر في هذا الحقل الذي تطلق عليه طهران اسم «ارش».
وتشدّد الكويت على ان حقل «الدرة» هو ثروة طبيعية كويتية – سعودية، وليس لأي طرف آخر أي حقوق في هذا الحقل حتى حَسْم ترسيم الحدود البحرية، حسب تصريح نائب رئيس الحكومة ووزير النفط الكويتي سعد البراك، مؤكداً أنّ بلاده ترفض جملة وتفصيلاً الادعاءات والاجراءات الايرانية المزمع إقامتها حول حقل «الدرة» في الخليج.
بالعودة الى هذا الحقل أقول: إنه وفي شهر أيار 2022 قال سفير إيران في الكويت محمد إيراني إنّ بلاده أرسلت دعوة رسمية للجانب الكويتي المختص في المحادثات بشأن حقل «الدرّة» للجلوس معاً لاستئناف المفاوضات. ومن المتوقع أن ينتج الحقل البحري المكتشف عام 1967 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً و84 ألف برميل يومياً من المكثفات.
وكانت السعودية والكويت أكدتا على حقهما في استغلال هذا الحقل، وعرضتا التفاوض مع إيران لتعيين الحدّ الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة.
إنّ ما صرّح به نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط الكويتي سعد البراك، واضح… وجاء كلامه حاسماً وجازماً… فقد أكد أنّ بلاده ترفض جملة وتفصيلاً الادعاءات والاجراءات الإيرانية المزمع إقامتها حول حقل «الدرّة» في الخليج.
هذا، وأكدت وزارة الخارجية الكويتية في بيان لها، ان المنطقة البحرية الواقع فيها حقل «الدرّة»، تقع في المناطق البحرية لدولة الكويت… وأنّ الثروات الطبيعية فيها مشتركة بين الكويت والسعودية، وأنّ لهما وحدهما الحقوق الخالصة في الثروة الطبيعية في هذا الحقل.
إنّ الجمهورية الاسلامية في إيران، تخطط لتنفيذ مصالحها الخاصة، ولا تأبه أو تهتم بالدعوات التي وجّهت إليها للجلوس حول طاولة حوار لإيضاح الموقف.
من هنا يتساءل المراقبون: هل إثارة موضوع حقل «الدرّة» اليوم… وبعد توقيع الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين… هو إشارة الى تنصّل إيران من الاتفاق… وهي بهذا العمل تريد وأد الاتفاقية الموقعة مع السعودية في مهدها، تنفيذاً لمآرب أخرى مخفيّة وغير معلنة عملاً بمبدأ «التقيّة».
أتمنّى أن تكون هذه الفرضية غير صحيحة، وأن تُنفّذ إيران تعهداتها التي قطعتها على نفسها بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى المجاورة.
كما نطالب إيران بالوفاء بما تعهدت به حتى يَعُمّ السلام، وتعم ثقافة الحياة في هذه المنطقة بدل ثقافة الموت.