حزب الله المتضرِّر الأكبر يراوغ لمنع أي إجراءات تضع حداً لتفلُّت سلاحه من الشرعية
هل ينسحب توقيع الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وايران على لبنان، ويؤدي الى بداية حل الازمة السياسية المستعصية، والمباشرة بمعالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الضاغطة في وقت قريب؟
لا شك أن تضمين البيان الصادر عن الاتفاق المذكور، الدول التي يشملها وقف التدخل بشؤونها واحترام سيادتها، ومن ضمنها لبنان، يعد إشارة ايجابية، يمكن الانطلاق منها، لإبداء التفاؤل بامكانية تسهيل حل الازمة القائمة، بعد صدور مواقف مرحبة بهذا الاتفاق، لاسيما من حزب الله، الذي عبر امينه العام حسن نصرالله عن ترحيبه بهذا الاتفاق، مشيرا بانه يفتح افاقا جديدة بالمنطقة، وقد يرتد ايجابا على لبنان، لكنه بالمقابل حاول أن يطمئن جمهوره، بالقول انه لن تكون هناك أي مساومات على المقاومة، ولن يكون على حساب شعوب المنطقة، بينما توالت مواقف الترحيب والارتياح لانجاز هذا الاتفاق من مسؤولين وسياسيين لبنانيين كثر، ومعظمهم حلفاء للحزب، فيما بدا لافتا تحفظ المعارضين عن الادلاء بأي مواقف مشابهة بهذا الخصوص.
من خلال التمعن بحركة واتصالات معظم الاطراف السياسيين، يبدو الكل بانتظار مسار تنفيذ الاتفاق، ومدى التقيد بمضمونه، لا سيما من قبل ايران، المعروف عنها الانقلاب على التفاهمات والاتفاقات المعقودة معها، طوال العقود الماضية، قبل تقرير الخطوات التي ستتخذ على صعيد الوضع في لبنان، من جميع جوانبه، وهذا يعني حكما، انتظار مدة الشهرين، التي حددها الاتفاق لتنفيذ مضمونه بين الدولتين، لتبيان مسار التنفيذ، ما يعني ايضا، أن ازمة الفراغ الرئاسي، ستبقى معلقة طوال هذه المدة، اذا لم تحصل مبادرات، او تحركات من قبل هاتين الدولتين، او احداهما على الاقل، للمساهمة في دفع مسار انتخاب رئيس جديد للجمهورية قدما الى الامام.
ولذلك، لم يكن مستغربا استمرار كل الاطراف، بالتمترس وراء مواقفها المعلنة، قبل التوصل الى الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وايران، بتمسك كل منها بمرشحه الرئاسي، وعدم ظهور اي مؤشرات لافتة، للتراجع عن هذه المواقف، في سبيل الوصول الى قواسم مشتركة بين كل الاطراف، تؤدي الى اخراج ملف الانتخابات الرئاسية، من دوامة الخلافات وتؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية بالنهاية.
وللوهلة الاولى، وبرغم كل مواقف التأييد والترحيب والاشادة بالاتفاق من قبل حزب الله وحلفائه، وهم مرغمون على ذلك، لارضاء النظام الايراني، فإن وقع الاتفاق على مسامعهم، لم يكن مريحا، لان الالتزام بتنفيذه من قبل الحزب، اذا سارت الامور على ما يرام، حسب مضمون البيان، يعني حكما انتهاء مرحلة تفلت الحزب وسلاحه من مرجعية الدولة اللبنانية، واستغلاله للتسلط على مفاصل المؤسسات والحياة السياسية بمجملها، والدخول بمرحلة جديدة، عنوانها بسط سلطة الدولة على كل اراضيها، ووضع سلاح الحزب تحت سلطتها وقراراتها.
ليس من المستغرب تمترس الأطراف وراء مواقفها قبل الاتفاق والسؤال متى البحث عن قواسم مشتركة
بالطبع هكذا مفاعيل للاتفاق السعودي الايراني، ليست لصالح حزب الله وحلفائه المستفيدين بالنهاية، لانها ستقيد نشاطاته وارتكاباته غير الشرعية، ولو كانت تحت مسمى مقاومة العدو الاسرائيلي، زيفا وتحويرا للواقع، بعدما تم توجيه هذا السلاح غير الشرعي والمرفوض من شرائح واسعة من اللبنانيين، لاغتيال الرموز السياسية والوطنية والفكرية والاعتداء على اللبنانيين المعترضين على ممارسات وخطط الحزب، للامساك بمفاصل وقرارات ومقدرات الدولة اللبنانية، كما هو الحال في الوقت الحاضر، مهما تعالت عبارات الترحيب والتهليل بالاتفاق العتيد.
واذا سار تنفيذ الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وايران على مايرام خلال الشهرين المقبلين، وهي مرحلة اختبار النوايا الايرانية على حقيقتها، لن يكون سهلا على الحزب المتضرر الاكبر من حصوله، الانصياع بسهولة، والالتزام بمفاعيله، ولن يكون بمقدوره رفض تنفيذ مقتضياته علنا، لان ذلك يؤثر على مجمل تنفيذ الاتفاق بين الدولتين، وهذا غير ممكن، اذا كانت مصلحة إيران، راعية الحزب تتضرر جراء ذلك، بل سيبذل ما في وسعه لكسب الوقت المستقطع، بالتقلب والتملص من اي مترتبات ونتائج، تضع حدا لمرحلة السيطرة بالسلاح غير الشرعي على الدولة والشعب اللبناني بالقوة لمصلحة ايران، على حساب المصلحة الوطنية العليا.