IMLebanon

الهدنة المرتقبة في غزة… وحسابات الربح والخسارة لبنانياً

 هل بدأ النقاش السعودي- الإيراني حول الملف اللبناني؟

هوكشتاين يستأنف اتصالاته حول “اليوم التالي” للحرب 

 

رسائل أميركيّة لطهران لتسوية شاملة

 

فهل يقلب اليمين “الاسرائيلي” الطاولة ؟

 

تبدو المنطقة امام ساعات حاسمة مع تقدم الحديث عن حل السياسي يوقف العدوان على قطاع غزة. وبانتظار ان تتبلور الصورة مع الوصول المرتقب لوزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن نهاية هذا الاسبوع الى “اسرائيل”، بدأت حسابات الربح والخسارة لدى كافة الاطراف المعنيين بالصراع، على الرغم من الحذر الكبير لدى اكثر من طرف في استباق النتائج، بسبب وجود الكثير من “الالغام” في الداخل “الاسرائيلي”، والتي يمكن ان تعطل التسوية التي تم “طبخها” في باريس. لكن اذا سارت الامور كما هو مخطط لها، فهل يجب ان يقلق خصوم حزب الله في الداخل اللبناني؟

 

في قراءة اولية لمسار الامور، فان موافقة “إسرائيل” المبدئية على “الصفقة” تدل على المأزق الذي وصلت اليه حكومة الحرب بعد 118 يوماً من القتال، ووفقا لمصادر ديبلوماسية، قد تقترب النتائج من خواتيمها السعيدة اذا نجحت واشنطن في تأمين المستقبل السياسي لرئيس الحكومة “الاسرائيلية” بنيامين نتانياهو، عبر تهيئة الاجواء المناسبة لبقائه على رأس الحكومة، بدعم من المعارضة. وفي ما يتعلق بالنتائج المرتقبة “لليوم التالي” لوقف النار والترتيبات السياسة لمجمل المشهد في المنطقة، تطمح “اسرائيل” الى الحصول على “الجائزة الكبرى” من خلال التطبيع مع السعودية، وفرض نظام يخدم مصالحها في غزة. في المقابل، يرى عدد من المحليلين في “اسرائيل”، ان ايران ستكون الرابح الاكبر باعتبار انها فرضت اجندتها على الولايات المتحدة التي عبّر رئيس استخباراتها “السي اي ايه” صراحة عن ذلك بقوله في مقال نشر قبل يومين، ان مفتاح استقرار الامن في المنطقة يمر بطهران.

 

ووفقا لصحيفة “هآرتس الاسرائيلية” تجد واشنطن نفسها في حرب ثانوية ثابتة ومرهقة، أمام تنظيمات وليس أمام دول، وهذه الحرب تتسبب بأضرار كبيرة لاقتصاد الدول الحليفة التي أدركت أن استعراض الردع الأميركي لا يحقق أي نتائج حقيقية. وكشفت الصحيفة ان بعض الدول، من بينها مصر والسعودية والإمارات، بدأت باتصالات غير منسقة مع الولايات المتحدة، ليس فقط مع طهران، وانما مع القوى المؤيدة لها. فالمخابرات المصرية فتحت قناة اتصال مع انصار الله بشأن قناة السويس، والسعودية تواصل القيام بخطوات ديبلوماسية تهدف الى المضي باتفاق السلام بينها وبين الحوثيين، وهو اتفاق يوفر للرياض مظلة حماية من الهجمات الصاروخية، يضاف اليه تطبيع العلاقات مع ايران. وكانت الإمارات الدولة الأولى التي حمت ظهرها من تلك الهجمات، بعد رفض مشاركتها في تحالف واشنطن في البحر الاحمر، وسحبت قواتها من اليمن في نهاية 2019  ووقعت على عدة اتفاقات تعاون مع إيران، وفي صيف 2021 استأنفت العلاقات الديبلوماسية معها بالكامل، وبالامس ارسلت سفيرها الى دمشق…

 

وهكذا يؤمن غطاء العلاقات الذي نسجته إيران مع دول الخليج، حزام أمان يعتبر جزءاً من معادلة الردع التي نجحت طهران في تشكيله.

 

وفي شرنقة العلاقات هذه، التي تقيد قدرة واشنطن على الرد الكامل والمباشر ضد إيران، اضطرت وتحت ضغط اشتعال الجبهات، الى التفاوض مع طهران حول التهدئة في المنطقة، وبعثت “برسالة” عبر سلطنة عمان تقول صراحة ان واشنطن معنية بتسوية شاملة في المنطقة، وليس فقط التوصل إلى حلول جزئية.

 

وبانتظار ان تتبلور التسويات الكبرى، فان الانعكاسات الاولية على الجبهة اللبنانية ستكون مباشرة، فالتصعيد سيكون سيد الموقف اذا اجهضت الهدنة المرتقبة، والتهدئة في غزة ستشمل جبهة الجنوب حكما كما حصل في المرة السابقة، وهذا سيتيح إعادة فتح ملف الحدود البرية، وترتيبات “اليوم التالي” لوقف الحرب.

 

ووفقا لمصادر مطلعة، اجرى المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين اتصالات بعيدا عن الاضواء مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، باعتباره “القناة” اللبنانية الرسيمة المعتمدة، لبلورة صيغة التسوية المقبلة. والاعلان الرسمي والعلني من قبل وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب عن الاستعداد لاجراء مفاوضات غير مباشرة مع “اسرائيل”، يعتبر “رسالة” واضحة حيال القبول بفتح باب النقاش الجدي، لكن بعد اعلان وقف العمليات العسكرية في غزة، وهو امر يوافق عليه حزب الله، وكان اصلا شرطه الاساسي قبل اي نقاش. واليوم يبحث “الاسرائيليون” عن صيغة اولية تعيد معظم سكان الشمال إلى بيوتهم، في ظل قناعة لدى دوائر القرار بعدم القدرة على التوصل الى اتفاق يبعد المقاومة عن الجدار الحدودي، ولهذا ثمة صيغ اميركية لمنحها “شرعية” البدء بمعركة عسكرية واسعة ضد حزب الله في المستقبل ،اذا كان امكانية الوصول الى حل متعذر راهنا؟!

 

في هذا الوقت، وفيما تصر قيادة حزب الله على فصل الاستحقاقات الداخلية عن مسار التطورات الاقليمية، الا ان “خصوم” حزب الله يشعرون بالقلق ازاء صعود الدور الايراني “والهرولة” الخليجية – الاميركية، لايجاد تفاهمات مع طهران حول مستقبل المنطقة، ويخشون بحسب مصادر سياسية بارزة ان تكون على حسابهم، خصوصا ان الحراك الديبلوماسي النشط للسفير السعودي في بيروت الوليد البخاري بات يثير الكثير من علامات الاستفهام، فهو التقى نظيره الايراني، ويسعى لايجاد استقلالية واضحة في اتصالاته بعيدا عن سطوة نظيرته الاميركية، وبدأ يعطي مؤشرات واضحة برزت في لقائه الاخير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بان الرياض تحولت إلى شريكة جدية في الحوار مع طهران حول الملف اللبناني، وأنها ستكون مستعدة لتليين مواقفها في ما يتعلق بحزب الله من خلال العمل على خطين: التوصل لتسوية رئاسية وتشكيل حكومة جديدة، وكذلك ايجاد تسوية لملف الحدود لابعاد خطر المواجهة الواسعة.

 

في الخلاصة، يبدو ان “خصوم” حزب الله خارج المعادلة، وتبدو الولايات المتحدة بدون “خارطة طريق”، ويبدو ان طهران نجحت عبر الهجمات التكتيكية لحلفائها في خلق واقع سياسي جديد في المنطقة لن تكون الساحة اللبنانية بعيدة عنه، ويبقى الامل الوحيد لديهم لتجنب الكارثة السياسية، نجاح اليمين المتطرف في “اسرائيل” في “قلب الطاولة” وتفجير التسوية!