Site icon IMLebanon

اللقاء السعودي – الإيراني… طبخة بحص

 

 

عقد وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الايراني حسين أمير عبداللهيان مؤتمراً صحافياً مشتركاً عقداه يوم السبت الفائت إثر اجتماعهما في العاصمة الايرانية طهران.. فأكد بن فرحان على ان المحادثات مع إيران اتسمت بالصراحة والوضوح.. وأشار الى أنّ العمل جارٍ على فتح السفارة السعودية في طهران، وبيّـن أنّ إيران قدّمت تسهيلات لعودة البعثات الديبلوماسيّة للعمل. وأضاف الأمير السعودي أنّ المحادثات ركّزت على أهمية التعاون الأمني بين البلدين لضمان خلوّ المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.

 

من حيث المبدأ، وبعدما اطلعتُ على تصريحي الوزيرين والبيان الختامي للقاء، ورغم اعتراض الوفد السعودي في طهران على وجود صورة قاسم سليماني في القاعة، ما دفع الوفد السعودي للمطالبة بتغيير القاعة من أجل عقد المؤتمر الصحافي للوزيرين، فلبّت إيران الطلب وقامت بتغيير القاعة… أقول: رغم هذا فأنا أرحّب بأي لقاء بين الطرفين، فإني أتساءل: هل إيران جادّة بالفعل لتنفيذ بنود الاتفاق الذي عُقد في بكين؟ وهل سيؤدي هذا الاتفاق الى تعميم ثقافة الحياة في المنطقة؟

 

جواباً على تساؤلي أقولك إنّ المتأمّل في حال إيران يدرك أنّ المحرّك الأساسي للجمهورية الاسلامية منذ قيامها، يعمل على وقود الحقّ الإلهي في التسلّط على الغير.. ونشر فكرة التشيّع في المنطقة.

 

لقد أوغر آية الله الخميني النفوس… فتحوّلت الثورة الايرانية الى مصدّر للثورة الى «الجيران العرب» بهدف فرض ولايته عليهم، إذ نصّب نفسه إماماً لكل المسلمين وحامياً لكل «المظلومين» كما يدّعي… فنجح في تأجيج الحرب مع العراق، مصوّراً هذه الحرب بأنها امتداد للصراع الشيعي – السنّي، الفارسي – العربي، وأكمل آية الله خامنئي المهمة ليقود شيعته بعد أن تحترق الأرض ويعمّها الخراب والفساد. وبهذا تحوّل الهدف الى الانتقام.

 

وعلى كلّ سأحاول العودة الى بنود الاتفاق السعودي – الايراني في بكين لأذكّر ببعض بنوده:

 

– اتفاق على إعادة فتح السفارات في غضون شهرين.

 

– التزام أمني ودفاعي ثنائي بعدم الهجوم بالاستعانة بالجيش والأمن والاستخبارات.

 

– عدم تدخّل إيران بشؤون جيرانها والتخلّي عن دعم الميليشيات التابعة لها.

 

– وقف إطلاق النار في اليمن وتبادل الأسرى، وإنهاء الخلاف بين اليمنيين بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة تكوين الدولة. ولن أغوص بالبنود الأخرى، وما قيل عن أنّ هناك بنوداً سرّية لأقول:

 

إنّ أهم البنود هو عدم تدخّل إيران في شؤون الدول الأخرى. وأضيف:

 

«ان إيران لو نفّذت هذا البند، ولو كانت تريد السلام فعلاً، لأوقفت مشروع التشييع وولاية الفقيه».

 

فإيران لا تريد السلام… وساستها يتبعون طريق الكذب على الآخرين.. والدليل ان بند إعادة بناء الدولة في اليمن لم ينفّذ بحجة أنّ الحوثيين رفضوا التفاوض مع الجهة اليمنيّة المقابلة، مطالبين بمفاوضة السعوديين لأنهم هم الذين يأمرون وينهون في اليمن.

 

كما ان إيران لم توقف إمداد الميليشيات الحوثية بالسلاح، والدليل ان الولايات المتحدة الاميركية أشارت وبوضوح الى انها اعترضت ودول أخرى أسلحة قدمتها إيران ولا تزال، كانت في طريقها الى الحوثيين في اليمن، وكان آخرها قبل أشهر حين تم ضبط 3000 بندقية هجومية و 578000 طلقة ذخيرة و 23 صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات في خليج عُمان.

 

فهل هذا دليل على ان إيران تريد السلام؟

 

وأشير هنا الى الأخبار التي تتحدث منذ أسابيع عن احتمال عودة قريبة للولايات المتحدة وإيران الى اتفاق نووي معدّل، بديل لذلك الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

 

وفيما تعود المفاوضات بين واشنطن وطهران للواجهة، يحذّر مسؤولون سابقون وأعضاء في الكونغرس من سياسة إدارة الرئيس جو بايدن في احتضان النظام الايراني، المعروف بالتفافاته على المعاهدات والمواثيق مؤكدين نيّة إيران في أخذ مهلة لامتلاك سلاح نووي والتخلص من العقوبات.

 

إنّ لغة العقل والمنطق الصادرة عن إيران هذه الأيام، وبشكل مفاجئ في الجنوح الى السلم والابتعاد عن الخلافات، وأهمية العمل المشترك لصالح المنطقة، غريبة بعض الشيء. فإيران لديها مشروع استعماري توسّعي في المنطقة العربية بما فيها الخليج العربي، ولديها خلايا وأذرع في هذه الدول جاهزة لتنفيذ أوامر «الوليّ الفقيه» في أي وقت، بل إنها ادّعت سيطرتها على 4 عواصم عربية هي: بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء.. فهل إيران، وبعد كل هذا «الانجاز» الذي حققته حسب ادعائها واستغرق منها قرابة 38 عاماً من الحروب والفتن والتدخل في شؤون غيرها؟ وهل هي على استعداد للتخلي عن كلّ ذلك من أجل إحلال السلام؟ أشك في ذلك.

 

وهنا يبرز سؤال آخر: هل إيران مستعدّة لتغيير سياستها في المنطقة؟ وهل ستمنع نفسها وتردع شيطانها ووسوسته المستمرة لها من أجل التدخل في شؤون جيرانها؟

 

إنّ المتعمّق في دراسة تصرفات مسؤولي الجمهورية الاسلامية يدرك بما لا يدع مجالاً للشك أنّ إيران التي تلف وتدور على «الملف النووي المعدّل»، وعلى تزويد ميليشياتها بالمعدات والأسلحة والمال والرواتب، وعلى دعمها المستمر للحوثيين في اليمن بالأوامر والأسلحة والمال، آمرة إياهم بوضع العراقيل أمام عودة هيكلة الدولة… وإيران التي أفقرت شعبها لتزوّد الميليشيات بالمال… هل هي مستعدّة للتخلي عن كل هذه السياسات؟

 

كل ما قلته… وما أُخفيه… يؤكد لي بأنّ اللقاء السعودي – الإيراني… ليس سوى طبخة بحص.