بالتوازي مع الدعوة الرسمية التي تسلمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، للمشاركة في اعمال القمة العربية التاسعة والعشرين التي ستعقد في مدينة الظهران في المنطقة الشرقية يوم الاحد 15 نيسان الجاري فقد شهدت العاصمة بيروت يوم اول أمس، حدثاً لافتاً وبالغ الدلالة والأهمية، تمثل بافتتاح رئيس الحكومة سعد الحريري جادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على الواجهة البحرية لوسط بيروت في منطقة ميناء الحصن (زيتونة بي) في حضور حشد كبير من الرسميين والقيادات السياسية والفاعليات الاقتصادية والاجتماعية..
لقد شكل هذا الحدث مؤشراً على المرحلة الجديدة من العلاقات اللبنانية – السعودية، بعد الركود الذي أصابها، لأسباب لم تعد خافية على أحد.. خصوصاً وان لبنان، كان في طليعة المتضررين من تلك المرحلة..
ليس من شك في ان لبنان يمر بمرحلة دقيقة للغاية على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية كافة، بلغت حد التحذير من إفلاس البلد.. وما الى ذلك..
القطيعة، او شبه القطيعة بين لبنان، ودول الخليج العربي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، لم تأتِ على البلد بالخير، وقد لا يكون كافيا شكر المملكة وغيرها على احتضانها عشرات آلاف اللبنانيين العاملين هناك، وحيّدت لقمة عيش هؤلاء ومصدر رزقهم عن الحملات التي تعرضت لها وماتزال، خصوصاً من «حزب الله»..
في قناعة العديد من المتابعين ان بوادر ايجابية برزت في الآونة الاخيرة تبشر بإعادة مياه العلاقات الى مجراها الطبيعي، بين لبنان وسائر دول الخليج، ولبنان على أبواب الصيف الموعود.. وان التفاؤل بموسم صيفي واعد يتقدم على ما عداه.
لقد تحدث الرئيس سعد الحريري في الآونة الاخيرة عن صيف واحد، وعن ان الدول الخليجية، عموماً، وفي مقدمها السعودية، سترفع الخطر عن مجيء رعاياها الى لبنان.. وفي السياق أشارت معلومات مؤكدة ان خطوات خليجية ايجابية مؤكدة تجاه لبنان ستظهر رويداً رويداً وستظهر معالمهما قريباً جداً، من دون إدارة الظهر لما يمكن ان يظهر من تطورات على أرض الواقع.. وهذه مسألة شكلت بنداً رئيسياً في زيارات القائم بالأعمال السعودي الوزير المفوض وليد البخاري الى العديد من القيادات السياسية والروحية في العاصمة بيروت والمناطق من بينها الزيارة التي قام بها برفقة السفير الاماراتي في بيروت حمد سعيد الشامسي الى بعلبك والتي حرص «حزب الله» على أن يقرأها قراءة مغلوطة، ووضعها في خانة التعبئة للانتخابات النيابية المقبلة..
لم يعر «حزب الله» اهتماماً لحملاته المتتالية على الدول الخليجية، وبالتحديد السعودية، وما يمكن ان تتركه من أضرار وتداعيات سلبية على لبنان واللبنانيين، كما وما يمكن ان تتركه من آثار سلبية على العلاقات بين الافرقاء اللبنانيين أنفسهم، ولبنان يمر بمرحلة دقيقة وهو على أبواب الانتخابات النيابية في السادس من ايار المقبل..
أكدت المملكة اكثر من مرة أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، والانتخابات عنوان من العناوين الداخلية البالغة الأهمية، بالنظر لما ستؤدي اليه من نتائج في موقع القرار.. وسياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى، سياسة اعتمدتها ايران منذ اللحظة الاولى لاعلان «الثورة الاسلامية» عبر شعار «تصدير الثورة»، ولم تكن لها من نتائج سوى تعكير صفو العلاقات واثارة الحروب والصراعات الداخلية التي لا يفيد منها سوى إسرائيل وحلفائها؟!
ليس من شك في ان زيارة الرئيس الحريري الاخيرة الى المملكة العربية السعودية، عززت نقاء العلاقات وكان من نتائجها عودة الوزير البخاري الى العاصمة بيروت، وهو المعروف بأنه صاحب خبرة وحرفية وموضوعية في ادارة العلاقات بين لبنان والمملكة، كما كان من نتائجها مشاركته في مؤتمر روما الاخير، الذي خصص لدعم الجيش اللبناني والقوى الامنية كافة..
ولبنان على أبواب انعقاد مؤتمر «سيدر» في العاصمة الفرنسية باريس غدا 6 نيسان فلقد بات من المؤكد ان الرياض ستشارك في هذا المؤتمر، الى جانب العديد من دول الخليج، من دون التوقف عند المواقف السلبية الصادرة عن شركاء في الحكومة اللبنانية.. الامر الذي يفسر ان المملكة تولي لبنان أهمية خاصة، بصرف النظر عن مواقف بعض القوى السياسية السلبية، بل و»العدائية» منها.. وتأسيساً على هذا، فإن تدشين جادة الملك سلمان في الـ»زيتونة بي» يحمل دلالات لا يمكن القفز من فوقها وادارة الظهر لها واشارات على عودة العلاقات الى ما كانت عليه في العقود السابقة بين المملكة ولبنان.. وان المملكة، كما سائر دول الخليج لن تتخلى عن دورها في توفير الدعم للبنان في المؤتمرات الدولية اللاحقة، وعلى المستويات كافة.. ولبنان أحوج ما يكون، في هذه المرحلة الى هذا الدعم الذي يتقاطع مع استحقاق الانتخابية في الداخل والتهديدات الاسرائيلية المتلاحقة، والتي عبرت عن نفسها بأكثر من موقف وبأكثر من مشهد، كان آخرها ما أعلنه رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال غادي ايزنكوت من ان «حرباً مدمرة هذه السنة ستأتي على «حزب الله» اللبناني..» لافتاً الى ان «الفرص قائمة هذه السنة لنشوب حرب اكبر مما شهدته السنوات الثلاث السابقة.. وان كل ما يقع تحت استخدام «حزب الله» في لبنان سيدمر، من بيروت حتى آخر نقطة في الجنوب.. وان الحصانة لن تمنح للمدنيين..»؟!