عمدت إدارة مستشفى سيدة زغرتا الجامعي الأسبوع الفائت، إلى إلزام موظّفي المستشفى التوقيع على تعهّد «مُنعوا من تصويره»، ينصّ على تنازلهم عن نسبة 17% من رواتبهم المتراكمة وغير المدفوعة منذ نيسان الماضي، وتلك اللاحقة حتى شهر آب المقبل. تعهّد «التنازل والإبراء» فُرض على الموظّفين، وألزموا بتوقيعه في مهلة أقصاها الثامنة من مساء يوم الجمعة الماضي، تحت التهديد بالطرد التعسّفي والحرمان من المستحقّات. وسط هذا الإجحاف المخالف لقانون العمل، وفي وقت قصير لم يكن أمام الموظّفين أي إمكانية للتواصل مع جهات حقوقيّة أو نقابيّة خارج سور المستشفى، رضي قرابة الـ70 موظّفاً بينهم بالتوقيع مرغمين، وعمد آخرون إلى طلب كامل مستحقّاتهم مقابل ترك العمل.
موظّفو المستشفى لم يحصلوا منذ نيسان الماضي، أي منذ ما قبل استفحال الأزمة الاقتصاديّة، إلاّ على راتبين خلال الأعياد (من دون حسم الـ17%). علماً أن رواتبهم خُفّضت بطرق باتت رائجة منذ بدء الأزمة، ومنها إلزام الموظّفين بنصف دوام مقابل تخفيض 50% من قيمة الراتب، وإلزامهم بإجازات غير مدفوعة… بينما لا تتخطّى رواتب فئة كبيرة من الموظّفين الحدّ الأدنى للأجور!
ما عمدت إليه الإدارة يوم الجمعة، هو «استدراج» الموظّفين عبر رسالة نصيّة أعلمتهم فيها صرفها لراتبين من الرواتب المتراكمة وأنّ على الموظّفين «زيارة قسم الموارد البشريّة قبل الثامنة مساء الجمعة». ففيما صرفت الإدارة الراتبين بالفعل، عن كانون الثاني وشباط لهذا العام، كانت تلزم الموظّفين في المقابل على توقيع «تنازل وإبراء»، وإلاّ سـ«تتحمّلون العواقب».
مضمون ورقة التنازل اطّلعت عليه «الأخبار»، ويصرّح فيه الموقّع عليه بقبوله «التنازل عن 17% من الراتب تقتطع من أشهر نيسان حتى كانون الأول 2019 والأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي»، إضافة إلى «إقراره التنازل عن المطالبة بالمنح المدرسيّة لغاية 31/12/2020، كمساهمة للمستشفى الذي أنتمي إليه…». أما الأسباب التي يعدّدها التنازل فتتضمّن أنه «نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية التي أدّت إلى تأخير دفع المستحقّات العائدة للمستشفى من الجهات الضامنة الرسميّة، ونظراً إلى الأعباء التي تكبّدها المستشفى نتيجتها، وتراجع الأعمال الطبيّة بنسبة 50%، وبعد لقاءات مع مدير المستشفى شرح فيها الأوضاع…».
عمدت الإدارة إلى «استدراج» الموظّفين عبر رسالة أعلمتهم فيها صرفَ راتبين من الرواتب المتراكمة
«المستشفى يتّجه إلى تخفيض عدد الأقسام والأسرّة من 150 إلى النصف»، هكذا ردّ مدير عام المستشفى المونسنيور أسطفان فرنجية على أسئلة «الأخبار». أضاف: «أبلغنا الموظّفين أن من لا يمكنه تحمّل الحسم معنا، يمكنه تقاضي رواتبه كاملة لكن بشرط المغادرة، لأننا بصدد تخفيض عدد الموظّفين من نحو 400 إلى 350 موظّفاً»، مصرّاً على أن «جميعهم مسجّلون في الضمان الاجتماعي ونحن حريصون على تعويضاتهم». فرنجيّة يعزو السبب إلى أزمة المستشفيات و«تأخّر المؤسّسات الضامنة في تسديد مستحقاتها، ما أدّى إلى تراكم الفوائد علينا، إضافة إلى تراجع قدرتنا على شراء المعدّات والأدوية والطعام بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار وبقاء تسعيرة المستشفيات على ما هي عليه منذ عام 1997». ويرى «أن مدخول المسشتفى كان سابقاً يناهز المليار و500 مليون ليرة في الشهر، وانخفض إلى الثلث حالياً، ولدينا عقود مصالحة غير مسدّدة بقيمة 6 مليارات ليرة بين عامي 2012 و2018».
وبشأن استشارة وزارة العمل يقول: «أرسلنا كتاباً إلى الوزارة»، في النهاية «متل كلّ المؤسسات!». لكن ماذا بشأن عمل المستشفى على استحداث أقسام والاستحصال على قرض لإنشاء موقف سيارات خاص بالمستشفى عبر تضييق الطريق لتأمين مدخول إضافي؟ يجيب: «الباركينغ نفّذناه بقرض مدعوم، ومشروع توسيع الأقسام بدأناه منذ سنتين والآن كل شيء متوقّف».