قُرِعَ الجرس، دخل التلامذة الى صفوفهم وعلى أكتافهم الحقائب المحمّلة الكتب والدفاتر والقرطاسية.. إنّه زمن العودة الى الصفّ، والتعليم الحضوري قد حان وسط تحدّيات اقتصادية ومالية كبيرة أسقطت كل الخيارات التعليمية وأدخلت القطاع في فوضى البحث عن الاستمرارية. وفيما أعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي تأجيل بدء العام الدراسي 2021 /2022 في المدارس والثانويات الرسمية الى 11/10/2021، فتحت المدارس الخاصة أبوابها تباعاً لإستقبال تلامذتها، بعد غياب دام عامين، وسط فرحة تلفّها غصّة «الغلاء».
الهاجس الإقتصادي سيطر على المدارس الخاصة، التي تتخبّط اليوم بخيار رفع الأقساط من عدمه. وهنا يمكن توزيع المدارس الخاصة الى 3 فئات، فمنها من لجأ الى دولرة الأقساط بحجّة التلاعب السائد في سعر صرف الدولار. فيما إختارت بعض المدارس رفع الأقساط بنسبة تصل الى 40 في المئة حلّاً وسطياً بين الأهالي وبينها.
أمّا عدد قليل من هذه المدارس فأبقى الأقساط على حالها، مقلّصاً عدد أيام التعليم الحضوري للتخفيف من الأعباء، معتمداً التعليم 3 أيام أسبوعياً فقط.
الكتب
وفي حين بشّر الحلبي أنّ «الكتب المعتمدة لدى المركز التربوي للبحوث والإنماء، ستُوزع مجانًّا في المدارس الرسمية والخاصة بتمويل من اليونيسف»، الّا أنّ مجمل المدارس الخاصة تعتمد الكتاب المدرسي المستورد في غالبية المواد.
وعلى الرغم من أنّ أكثرية المدارس لم تُدرج كتباً ذات طبعة جديدة أو منقّحة على مناهجها جرياً على العادة، إلّا أنّ أسعار لوائح الكتب جاءت ملتهبة هذا العام، حيث تخطّت لوائح الكتب الجديدة في عدد من المدارس الـ 10 ملايين ليرة لبنانية، وبلغت كحدّ أدنى 3 ملايين ليرة.
وليتمكّن الأهل من تأمين الكتب، لجأ بعضهم الى ما يُعرف بمبدأ «التبديل» إمّا عبر المدرسة حيث احدثت المدارس قسماً خاصاً لتبديل الكتب، فتأخذ المستعمل منها العام الماضي من الأهل بقيمة 30 في المئة من ثمنها، وتبيعها مستعملة للعام الحالي بقيمة 50 في المئة من ثمنها، وتجني بهذه العملية ربحاً يناهز الـ 20 في المئة. وارتأت مدارس عدم جني الأرباح ومراعاة ظروف الأهل، فإكتفت بتسهيل مهمة التبديل بين التلامذة عبر أخذ الكتب المستعملة من الأهل للصفوف السابقة واستبدالها من دون أي بدل للصف الحالي. وتركت أخرى للأهل حرّية التبديل عبر مجموعات «واتس أب» من دون أن تتدخّل في التفاصيل.
القرطاسية
تعتمد المدارس الخاصة، لكلّ مادة دفتراً بلون موحّد، ما يحتّم على الأهل شراؤها من المدرسة، ليتخطّى سعرها الـ 700 ألف ليرة وأكثر للولد الواحد.
الى المكتبة، حيث أسعار القرطاسية في حاجة الى «موازنة» فعلية، وهذه عيّنة:
فسعر «الشنطة» لامس المليون ليرة، وسعر الدّفتر: 141635 ل.ل، والآلة الحاسبة: 162430 ل.ل، والممحاة: 23250 ل.ل، أمّا علبة التّلوين فوصل سعرها إلى 205135 ل.ل، وقلم الحبر النّاشف 20500 ل.ل، وقلم الحبر السّائل 43500 ل.ل، وعلبة أقلام رصاص 65990 ل.ل، والمبراة 11835 ل.ل، والمسطرة 18840 ل.ل…
الزّي المدرسيّ
ولأن هذا العام «ملبّد» ولا شيء فيه محسوماً بعد، ترك عدد من المدارس للأهل خيار شراء «الزّي المدرسيّ» من عدمه، في حين أصرّت أخرى على الإلتزام به، وعمد بعضها الى تصريف «الستوك» القديم ولم ترفع الأسعار بنحو جنونيّ، وهذه عيّنة عن بعض الأسعار:
قميص: بين 80 والـ 200 ألف ليرة .
بنطال: بين 70 والـ 150 ألف ليرة.
بدلة رياضية صيفيّة: بين 140 و300 ألف ليرة.
بدلة رياضية شتويّة: بين 200 و400 ألف ليرة.
سترة: بين 200 و500 ألف ليرة.
وتختلف هذه الأسعار بين مدرسة وأخرى.
الباص
وسائل النقل هذا العام لم تعد من الكماليات، فبات نقل التلامذة من والى المدرسة في حاجة الى موازنة بحالها، فالخيارات أمام الأهل محدودة، إمّا تعبئة خزانات سيّارتهم بالبنزين، حيث يسجّل سعر الصفيحة اليوم أرقاماً غير مسبوقة، إذ تخطّى سعر صفيحة البنزين الـ 200 ألف ليرة في المحطات. والخيار الثاني، هو الباص، والذي عمد بعض المدارس الى تسعيره بالدولار هو أيضاً أو ما يوازيه في السوق السوداء، أمّا من أبقى على تسعيرته باللّيرة، فهي تتراوح بين 500 ألف ليرة والمليون ليرة شهرياً، بحسب المسافة بين المنازل والمدرسة.
Lunch box
الى الزوادة، أو الـ «Lunch box»، تؤكّد السيدة زينة سحّاب، أمّ لولدين، أنّها تحتاج الى نحو 40 ألف ليرة يومياً فقط للزوادة، خصوصاً مع الإرتفاع المستمر لسعر ربطة الخبز، وللخضار والفاكهة، والألبان والأجبان، والحلوى…
كورونا
بفرحة وحماسة عاد التلامذة الى المدرسة، لكنّ التحدّي الصحي، الذي تفرضه جائحة كورونا ما زال يشكّل التحدّي الأكبر للعام الدراسي. فمع العودة الكاملة الى الصفوف إنتفى مبدأ التباعد، وحضرت مكانه الزامية وضع الكمّامات، خصوصاً أنّ عملية التلقيح للمعلمين والمعلّمات لم تكتمل بعد. ورغم أنّ الكمامة هي السلاح الأقوى لحماية التلامذة والحفاظ على صحة التلامذة في الفصول الدراسية، إلّا أنّ المدارس تسجّل حالات إغماء وتقيّوء خصوصاً في صفوف الروضة والإبتدائي، مع إبقاء الأطفال الكمامات لحوالى 7 ساعات على وجوههم.