الرمزية تتقدم على المضمون في لقاء الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ. وهو لقاء تأخر قياسا على ما كان يريده الرجلان اللذان تبادلا الاعجاب الشخصي، وما بين واشنطن وموسكو من قضايا ملحّة للبحث، كما على القمة بين الرئيس الصيني شي جيبينغ وترامب في منتجعه الخاص في فلوريدا. لكن الظروف ليست ناضجة لصفقة بين رئيس أميركي مقامر يقول انه سيّد فن الصفقة وبين رئيس روسي مغامر يقول انه خبير في الاتصالات الشخصية.
وليس مجرد تاكتيك تفاوضي أن يسبق ترامب اللقاء بدعوة موسكو الى وقف سلوكها المزعزع للاستقرار ودعمها لأنظمة عدائية بينها سوريا وايران. ولا أن تتهم موسكو واشنطن بأنها تعرقل القضاء على داعش، وتعمل ما يساهم في تقسيم سوريا، وان يحذر بوتين من روسفوبيا بالقول ان نزعات العداء لروسيا مرتبطة بمساهمتها في انشاء عالم متعدد الأقطاب لا يروق للمحتكرين، أي الأميركان. فالعلاقات الأميركية – الروسية هي في أدنى مستوياتها. والمواقف مختلفة حيال مستقبل سوريا ودور ايران الاقليمي.
والبنتاغون لا يزال يرفض أي تنسيق وتبادل للمعلومات الحسّاسة مع روسيا في محاربة داعش. وليس أصعب من تراجع أميركا والغرب عن العقوبات المفروضة على روسيا ردا على ضمّ شبه جزيرة القرم سوى تراجع بوتين عما فعله في أوكرانيا. فضلا عن ان تكبير قصة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية جعل الضغوط الداخلية على ترامب أقوى من ان تسمح له بصفقة مع بوتين بمقدار ما تدفع بوتين الى الشك في قدرة ترامب على الوفاء بأي التزام. وخطر كوريا الشمالية في نظر أميركا ليس كذلك في نظر روسيا والصين.
والحيلة هي اللجوء الى نوع من الحزام الأوروبي لحماية انفتاح ترامب على بوتين. هذا ما يوحيه قول مستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر ان ترامب يريد ان تطور أميركا وكل الغرب علاقة بنّاءة أكثر مع روسيا. لكن علاقات ترامب صعبة مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل. وليست مريحة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي دعاه الى حضور احتفالات ١٤ تموز. ولم تندمل بعد جروح وصفه للحلف الأطلسي بأنه متقادم وامتداحه للتيارات الشعبوية والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وتشجيع الآخرين على الخروج. فضلا عن ان بوتين الذي يواجه مدّ الحلف الأطلسي الى أبواب روسيا متهم بزعزعة الاتحاد الأوروبي والناتو.
حتى مفاجآت الرئيس الذي يفاخر بأنه لا يمكن التنبؤ بأفعاله، فانها تخضع لضوابط المؤسسة.