كان من المفترض، وفق اتفاق التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي، أن ينضم مرشح قومي (ماروني) إلى اللائحة العونية في المتن الشمالي، غير أن رسوب المرشحين القوميين خلال التصويت الحزبي أدّى إلى عدم تزكية أي اسم لغاية أمس، في انتظار إعادة التصويت الحزبي، السبت المقبل، ما يمكن أن يضع الحزب القومي أمام مأزق دستوري داخلي جديد في أقل من سنة
لا يكاد الحزب السوري القومي الاجتماعي يخرج من أزمة حزبية، حتى يدخل في أخرى. بعد أزمة تجديد ولاية جديدة (ثانية) لرئيس الحزب السابق أسعد حردان، ومن ثم استقالة رئيس الحزب علي قانصو، لمخالفته الدستور بالجمع بين رئاسة الحزب والوزارة (مع تشكيل حكومة سعد الحريري)، يواجه القوميون اليوم مأزقاً جديداً عنوانه: مرشح القومي في المتن الشمالي.
كان يفترض أن تفضي جلسة المجلس الأعلى الأخيرة إلى اختيار اسم مرشح ماروني من بين أربعة أسماء تقدموا بترشيحهم هم: النائب السابق أنطون خليل، الوزير السابق فادي عبود، العميد قيصر عبيد (سحب ترشيحه أمس) وهشام الخوري حنا، وذلك على قاعدة الاتفاق المبرم بين العونيين والقوميين بأن يسمي الحزب القومي مرشحاً مارونياً لأحد مقاعد المتن (أدى الاتفاق تلقائياً إلى استبعاد الاسمين الكاثوليكيين نجيب خنيصر وريشار رياشي).
غير أن المرشحين الموارنة الأربعة سقطوا في التصويت، لأن أحداً منهم لم ينل عدد الأصوات المطلوبة للنجاح وهي 9، فانتهى اجتماع المجلس الأعلى من دون أن يكون للقومي مرشح رسمي يبلّغ اسمه رسمياً إلى التيار الوطني الحر.
هل تلملم الأزمة
لأجل مقعد فادي عبود، وماذا إذا ترشح يوسف الأشقر؟
على الأثر، طُرح اسمان جديدان، هما بيتر الأشقر ورئيس الحزب السابق يوسف الأشقر؛ اعتذر الأول لأسباب خاصة، ولم يقدم الثاني ترشيحه خطياً بعد، علماً أن التيار الحر، كان قد تبلغ قبل تصويت اجتماع المجلس الأعلى، أن فادي عبود هو مرشح الحزب، وهو ما يرده البعض إلى محاولة بعض النافذين في الحزب «تسويقه وتقديمه على غيره من المرشحين».
لكن سرعان ما وجد القوميون حزبهم في مواجه مأزق دستوري داخلي جديد. هناك من يقول إن جلسة المجلس الأعلى، يوم السبت المقبل، ستطرح إعادة التصويت للمرشحين أنفسهم (باستثناء عبيد)، بأمل أن ينجح أحدهم في جولة التصويت الثانية. فيما يرى آخرون أن أي إعادة تصويت لمرشح خاسر تُعَدّ مخالفة دستورية واضحة؛ ذلك أن أعضاء المجلس الأعلى لم يتغيروا ولا المرشحين، وبالتالي، أي تحوّل في عملية التصويت سيطرح علامات استفهام حول صفقة ما أو ضغط ما تعرض له بعض الأعضاء في المجلس الأعلى لتغيير موقفهم، بمعزل عن نتيجة التصويت.
في هذا السياق، يقول فادي عبود لـ«الأخبار» إن الدستور واضح، «فإما يعاد التصويت أو يتم تفويض رئيس الحزب باختيار المرشح بنفسه. ولكن في الأساس هناك من يتحرك لإدخال الحزب لافتعال أزمة»، موضحاً أن التنافس الحقيقي اليوم ليس على مقعد حزبي، بل على مقعد نيابي قومي في المتن. على المقلب الآخر، يناقض النائب السابق أنطون خليل كلام عبود، مؤكداً أن «إعادة التصويت أمر غير دستوري، حتى لو كان لمصلحتي». الدستور الحزبي «لا يحتمل أية اجتهادات»، وفق خليل، و«المطلوب اليوم أن يسمي رئيس الحزب اسماً جديداً ليصوت عليه المجلس الأعلى سلباً أو إيجاباً». ولكن ماذا لو سقط اسم المرشح الجديد أيضاً؟ «يعيد الرئيس تسمية مرشح آخر وغيره وغيره حتى ينال الأصوات المطلوبة، فيصبح عندها المرشح الرسمي الأوحد للحزب».
هل من مخرج للأزمة، خصوصاً في ظل تعاظم التشكيك الحزبي بـ«قومية» فادي عبود؟
لعل تقديم رئيس الحزب السابق يوسف الأشقر ترشيحه خطياً يعيد خلط الأوراق، ولا سيما أن للأخير أفضلية بسبب مركزه الحزبي وكونه من عائلة الأشقر المتنية وليس فرعاً منها كما هي حالة فادي عبود.
في هذا السياق، يقول رئيس الحزب القومي حنا الناشف لـ«الأخبار» إنه لم يتلقّ بعد أي طلب من يوسف الأشقر، ولكن «من المحتمل جداً أن يقدم ترشيحه، فالمجلس الأعلى طلب مني قبول ترشيحات جديدة». وعمّا إذا كان مبدأ إعادة التصويت للمرشحين الخاسرين يُعَدّ مخالفة للدستور، يجيب الناشف بأن «المسائل الدستورية يحددها المجلس الأعلى، وهو ما سيحصل في اجتماع المجلس المقرر السبت المقبل».