اصبح واضحاً ان التمديد الثاني بات امراً واقعاً رغم المعارضة المسيحية له من بكركي الى قيادات وقوى في 8 و14 آذار ، فالتمديد جاء نتيجة قناعة محلية وخارجية تقول مصادر نيابية باستحالة اجراء انتخابات نيابية في ظل الاوضاع الأمنية الخطيرة حيث تطرق تهديدات «النصرة» و«داعش» ابواب المعابر الشرقية والشمالية بعد ان احتلت الجرود وخطفت العسكريين ، وبعد توافق المستقبل ورئيس المجلس النيابي واجتماعات بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة رسمت السيناريو المفترض تنفيذه قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي في العشرين من الشهر الحالي تفادياً للفراغ وحرصاً على الحكومة التي ستصبح في حكم المستقيلة في حال اجراء الانتخابات النيابية وحينها يصعب ضبط الامور في ضوء الاحداث والمؤشرات الخطيرة التي بدأت تظهر في طرابلس وفي عرسال. ففي الداخل تضيف المصادر ثمة قناعة بانه لا يمكن دعوة الناخبين للتوجه الى مراكز الاقتراع بعد معركة طرابلس وفي الوقت الذي تكشف التوقيفات الامنية مع الموقوفين وكان آخرها شبكة عاصون التحضيرات لتفجيرات تستهدف تجمعات لمواطنين في ذكرى عاشوراء فيما السيف مسلط على رقاب العسكريين المخطوفين والجيش في كامل جهوزيته لمواجهة الارهاب .
وعليه يبدو ان التمديد الذي فرض نفسه بنفسه هو في هذه الحال يصب في مصلحة الجميع تؤكد المصادر النيابية وفي مصلحة البلد مهما كابرت القوى السياسية وأعلنت رفضها له، فالمواقف التي تسجل في العلن تخنلف على ارض الواقع، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يرغب بعودة التشريع الى تحت قبة البرلمان هو بالمؤكد يرغب بالتمديد ، بري نفسه اعلن انه دار على نفسه 180 درجة وانقلب على موقفه الرافض في البداية للتمديد نزولاً عند مجرى الاحداث ، وكذلك يفعل النائب وليد جنبلاط المتخوف على حصته ووضعيته وامارته الشوفية، وتيار المستقبل هو المستفيد الاكبر فهو الذي رسم خريطة الطريق للتمديد الثاني وهو الذي عمل على خط إقناع حلفائه المسيحيين بجدوى وضرورات التمديد لولاية المجلس بالحجة الامنية أولاً وبسبب ما يحصل على الساحة السنية التي تواجه محاولات زجها في حرب التطرف وايجاد البيئة السنية الحاضنة لها من جهة اخرى اضافة الى الموضوع المالي حيث ان اجراء الانتخابات يفترض ضخاً مالياً كبيراً قد لا يكون متوفراً في هذه المرحلة .
وعلى ما يبدو فان حلفاء المستقبل المسيحيين تفهموا كما تقول المصادر هواجس حليفهم المستقبلي ، ولكن ذلك لا يعني عدم قدرتهم السير في هذا التمديد حفاظاً على ماء الوجه مع بكركي التي ترفض التمديد وتصر على الانتخابات الرئاسية اولاً من جهة ولعدم استثارة الشارع المسيحي وامتصاصاً لغضبه خصوصاً ان المجتمع المسيحي بات يحسب اغلاط ممثليه وقياداته فالقوات لا تزال حتى اليوم تعاني من ترددات القانون الارثوذكسي على جمهورها . وعليه فان تيار المستقبل بات كما تقول المصادر متفهم لوضعية حلفائه المسيحيين ولارتدادات موافقتهم على التمديد الثاني على جمهورهم وشعبيتهم ، والتمديد للمجلس لن يساهم كما في المحطات السابقة في تفاقم الخلافات بين الحلفاء خصوصاً ان الزيارة الى السعودية التي قام بها سمير جعجع وسامي الجميل بدون ان يلتقيا او يتفقان على القيام بها كما اكدت اوساط الطرفين ساهمت في بلورة الموقف المسيحي من التمديد ونظرة كل من الكتائب والقوات للاستحقاقات القادمة . وعليه فان التمديد الثاني الذي سلك طريقه يبدو انه لن يحظى بالغطاء المسيحي ، فالتيار الوطني الحر متمسك برفض له وهو الذي خاض حرب التمديد الاولى بدون الآخرين من الصف المسيحي، برأي المصادر فيما يبدو ان الأمور ستسلك الطريق التالية لدى حلفاء المستقبل المسيحيين، تشارك القوات في جلسة التمديد وتؤمن النصاب بدون التصويت اما الكتائب فهي على الارجح لن تتوجه الى ساحة النجمة ولا تزال على موقفها برفض النزول الى الجلسة .
حزب الله الذي لم يعط اشارات كثيرة في هذا الملف لا يبدو معارضاً بقوة للتمديد بخلاف حسابات 14 آذار، فالتمديد بالنسبة الى حزب الله تقول المصادر، شر لا بد منه ربما في هذه المرحلة في ظل انغماس حزب الله في المعركة المصيرية مع الارهاب وحيث ان أمنه مهدد بتهديدات «داعش» وعناصره منتشرة على الحدود الشرقية وعرسال في حرب خطيرة مع مسلحي داعش، وبالمؤكد فان هذه الوقائع تجعل الحزب غير جاهز للاستحقاق الانتخابي، وان كان لا ينقص الحزب لا التأييد والدعم الشعبي ولا التحضيرات الانتخابية، لكن الزمن في حسابات حزب الله ربما ليس زمان ومكان الانتخابات النيابية .