باختصار، وبأسلوب مباشر ودون مداورة، فان كل ما يقال عن أزمات مستجدة في لبنان، وسجالات سياسية حادة، ما هو في الواقع سوى جزء مستلزمات البازار الانتخابي! وليس هناك ما يدعو الى القلق، حول ما يسمّى ب الصراع بين الرئاستين الأولى والثانية، ولا النزال حول مرسوم الأقدمية، للضباط، ولا حول المعركة المستجدة حول تعديلات توصف ب الاصلاحية على قانون الانتخاب، ولا غير ذلك من ثرثرات حول أزمات قديمة ومستوطنة، أو ازيمات طارئة في مختلف مجالات الحياة! وهذا لا يعني ان التباينات في الآراء والمواقف والمصالح غير موجودة، ولكنه يعني أيضا ان التوافق الاستراتيجي المرحلي بين القادة اللبنانيين الذين يمسكون بزمام القرار النهائي، هو حقيقة واقعة وثابتة، ولو الى اشعار آخر تظهر ملامحه في مراحل لاحقة… ومهما بلغت حدّة الاشتباك ظاهرا وباطنا، فان الجميع ملتزم بالخط الأحمر الذي وضعه القادة لأنفسهم، وهو المحافظة على استمرار الاستقرار العام وجوهرته هي الاستقرار الأمني.
***
هذا يعني ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها في السادس من أيار / مايو المقبل، بموجب القانون الانتخابي الجديد على أساس النسبية، ودون أي تعديل في أي بند من بنوده نظرا لضيق الوقت واستحقاقات المهل، وليس في الأفق أي احتمال لتأجيل الانتخاب أو لتمديد جديد، أيا كانت الأسباب المستجدة، سواء أكانت حقيقية أم مفتعلة! وما من قوى سياسية منفردة أو مجتمعة قادرة أو حتى راغبة، في أي تأجيل أو تمديد، وتحمل تبعاته داخليا وخارجيا. أما التهيّب الحقيقي الذي يكاد ان يشمل معظم المكونات السياسية فهو التخوّف وربما الندم على ما فعلته أيديهم باقرار قانون انتخاب نسبي لا يزال يحيّرهم في استكشاف نتائجه وآثاره على قوة كل مكوّن سياسي، وعلى حجم تمثيله في المجلس النيابي الجديد! وهذا الهاجس يشمل حصرا مكوّنين سياسيين كبيرين في المجتمع اللبناني، حيث يوجد تنافس حاد على الاستقطاب داخل كل منهما…
***
الغيرة الحماسية لدى البعض على الاصرار لادخال اصلاحات على قانون الانتخاب بعد اقراره، تستحق الشكر، ولكنها غير مفهومة! وماذا يضير تلك الاصلاحات التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال، ان تنتظر لتنفذ بهدوء بعد اجراء الانتخابات المحلية، وتكون في طليعة المهام لاقرارها بروية، وتنفيذها في الدورة الانتخابية المقبلة؟ ألم ينتظر قانون الانتخاب الأكثري الأعرج نحو ثلاثة أرباع القرن حتى أمكن ابداله؟ ثم ما سرّ غياب هذه الغيرة الحماسية المفرطة عن ملفات معمّرة مثل مكافحة الفساد، ومغارة الكهرباء، وأزمة النفايات وغيرها؟!