IMLebanon

السلاح السرِّي  للرئيس سعد الحريري

السلاح السرِّي الذي يمتلكه ويمتشقه الرئيس سعد الحريري هو سلاح الإيجابية، لا يعرفه كثيرون ولا يمتلكه كثيرون لأنَّ حيازته تستلزم عقلاً منفتحاً واعياً وقلباً كبيراً لونه أبيض ونيات صافية تجاه الآخرين لا حقد فيها ولا أساليب تنكيدية.

بهذا السلاح يحمي الرئيس الحريري نفسه ويواجه خصومَه. يُستهدَف فيردُّ بإيجابية، يُستدرج إلى المقاطعة فيردُّ بالإنفتاح، وهكذا يُسقِط الذرائع والحجج وحتى الأوهام من نفوس خصومه ويظهر كأنه الوحيد، وهو كذلك، الضنين بمصلحة البلد.

***

في الإشتباك السياسي الأخير في البلد، إعتقد الجميع بأنَّ الرئيس الحريري سيقُفِل الأبواب التي شرَّعها سواء في طاولة الحوار الموسعة أو في طاولة الحوار الثنائية مع حزب الله أو في جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية.

خذلهم وأبقى أبوابه مشرَّعة وعقله منفتحاً:

تيار المستقبل سيشارك بعد غد الإثنين في طاولة الحوار الثنائية في عين التينة مع حزب الله، بعد قرار حاسم من الرئيس الحريري الذي أعطى الضوء الأخضر للمشاركة في طاولة الحوار الموسَّعة أيضاً.

أما الإيجابية الكبرى التي كان يتسلَّح بها ولا يزال فهي التعاطي بكبَرٍ مع ملفِّ إنتخابات الرئاسة الأولى:

سعد الحريري لم يُقفل الباب في وجه أحدٍ ولا سيَّما الأقطاب الموارنة الأربعة:

إستقبل وحاور وناقش رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، على رغم أنَّ الجنرال هو صاحب شعار وان واي تيكيت الذي أطلقه في وجه الزعيم الشاب، كان حواره معه صادقاً فيما الرفض لم يأتِ منه، والعماد عون يعرف هذه الحقيقة.

تبنَّى ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وشارك ككتلة مستقبل في الجلسات ال 34 التي عُقِدَت حتى الآن للإنتخابات.

إلتقى الوزير سليمان فرنجيه وأبدى إستعداده للسير فيه كمرشَّح جدِّي لرئاسة الجمهورية، على رغم أنَّ فرنجيه في المعسكر المناهض.

إلتقى الرئيس أمين الجميل أكثر من مرة، ورئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل أكثر من مرة، وآخرها في باريس.

***

ألا يكون الرئيس سعد الحريري هكذا قد ضرب الرقم القياسي في الإيجابية؟

هو الأكثر إيجابية في معسكر 14 آذار وبين حلفائه.

وهو بهذه الإيجابية إخترق 8 آذار، فما هو المطلوب منه أكثر؟

سعد الحريري لن يتراجع ولن يتوانى، يُدرِك جيداً أنَّ السياسة اللبنانية، في معظمها، وضعٌ للعصي في الدواليب، لكنه آثر الإيجابية وآلى على نفسه ألا يجاري الآخرين في سلبياتهم، ويعرف في نهاية المطاف أنَّ الغلبة ستكون للرهان على الدولة وليس على القوة الذاتية أياً كان حجمها.

***

ربما هذه الإيجابية هي التي شكَّلت دفعاً للرئيس تمام سلام ليتجرأ على الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، للبتِّ في القضايا الملحة التي تهم الناس، ولولا إيجابية الرئيس الحريري لكانت الجلسة في خبر كان لأنه يستحيل عقد جلسة قائمة على سلبيات مَن لا يتعاطون مع الملفات إلا بسلبية.