IMLebanon

البعد الطائفي واتساع الاستهدافات في الغرب يرسمان عنوان تصاعد المواجهة مع “داعش”

عشية انعقاد مؤتمر قمة مواجهة الارهاب الذي دعت اليه واشنطن يومي غد وبعد غد، والذي اطلقه الهجوم الارهابي على مجلة شارلي ايبدو في باريس في 7 كانون الثاني الماضي، سُجل عمل ارهابي جديد تمثل في ذبح تنظيم الدولة الاسلامية 21 من الاقباط المصريين، وقد اعتبر البابا فرنسيس انهم استهدفوا كونهم مسيحيين، ما اضفى بعدا آخر يفترض ان يستدرج ادانة وتعاطفا كما جهدا اكبر من اجل تطويق مفاعيل هذا العمل الاجرامي نظرا الى انعكاساته الخطيرة في المنطقة في شكل اساسي. فثمة تركيز سياسي واعلامي على استهداف مراكز اليهود في اوروبا ما حدا برئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على توظيف ذلك في دعوة اليهود الغربيين الى الهجرة الى اسرائيل. ومع ان تنظيم الدولة الاسلامية اعدم في سوريا رهائن غربيين، فان هويتهم شكلت اساس استهدافهم وليس طائفتهم التي لم يشر اليها في اي من الاحوال. لكن مع قتل الاقباط المصريين، يسلط الضوء مجددا على البعد الطائفي على رغم ان هذا البعد كان حاضرا مع اندفاعة التنظيم ضد الايزيديين والمسيحيين في الموصل والمدن العراقية الاخرى، ولكنه يوازي في هذه الحال بين كل الطوائف خصوصا بعد قتل الطيار الاردني معاذ الكساسبة، ما يفيد بان الجميع مستهدفون. فهل يطلق ذلك نقلة نوعية في مواجهة التنظيمات المتطرفة في المنطقة وصولا الى ليبيا ( ما يؤدي الى تعويم الاهتمام بها ) حيث كانت تتخبط وحدها في العامين الاخيرين، على غرار ما أدى الاعتداء على الايزيديين والمسيحيين في العراق في تحفيز تحالف دولي لبدء مساعدة العراق؟

البعد الآخر غير الطائفي وهو تزايد الحوادث الارهابية منذ الاعتداء في باريس في اتجاه دول اوروبية وغربية عموما كان آخرها الدانمارك وكندا وقبلهما اوستراليا والمانيا وصولا الى قتل ثلاثة شبان مسلمين في ولاية كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة بدت كلها كأنها تندرج في سياق تصاعدي واستباقي للمؤتمر ضد الارهاب المقرر في واشنطن. وهذه جميعها شكلت مؤشرات خطيرة بالنسبة الى مراقبين سياسيين من بينها انتقال الارهاب الى غير البيئات التي تم السعي الى حصره فيها في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، أي الدول التي تشهد صراعات دموية على السلطة كسوريا والعراق واليمن. وقد اهتمت الدول الغربية خلال العامين الماضيين بمحاولة مساعدة الدول المجاورة لبؤر انطلاق ارهاب تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا ولا تزال تعتقد انها احتوت الى حد بعيد مفاعيله ومنعت انتقاله بكثافة الى لبنان او الاردن او سواها من الدول التي تتمتع باستقرار نسبي قياسا بهذه الدول، الى ان فاجأتها الاعتداءات الارهابية على دول اوروبية. الامر الذي يجدد اثارة اسئلة جدية اذا كان يمكن فعلا احتواء الارهاب من دون حلول سياسية مرافقة او موازية تساهم في القضاء على اسباب تصاعد التطرف، علما ان الرئيس الاميركي حصل الاسبوع الماضي على تفويض من الكونغرس الاميركي لثلاث سنوات بسلطة واسعة من اجل محاربة تنظيم الدولة الاسلامية والارهاب في اي مكان في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ما يفيد ان الامر يظل مقتصرا على البعد العسكري والامني من دون السياسي وان الحرب طويلة بما سيتجاوز الولاية الثانية للرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض. ومن غير المستبعد في ظل المعطيات الاخيرة ان تفوض دول العالم التي ستجتمع في واشنطن قيادة تحالف اوسع وبصلاحيات كبيرة من اجل مواجهة الارهاب انطلاقا من ان العمل معا هو السبيل الاساسي لمواجهة الارهاب من خلال تنسيق وتبادل المعلومات والاجراءات. فهل تكون هذه الحوادث مبررا كافيا للاعتماد على قوى برية وفق ما فهم كثر من طلب اوباما التفويض الاخير من الكونغرس، اذ شهدت الاسابيع الاخيرة انخراطا اوسع على غرار الهجمات العسكرية التي شنها الاردن على اثر قتل تنظيم داعش الطيار الاردني وتضامن دول عربية عدة مع الاردن في هذه المواجهة او الهجمات التي شنتها مصر في ليبيا على مواقع للتنظيم لقتله الاقباط المصريين الـ21، بما ينذر بمرحلة جديدة حتى بالنسبة الى الدول العربية المنخرطة اصلا في مواجهة الارهاب والتي تتطلب التطورات الاخيرة منها مزيدا من الانخراط في هذه المواجهة وربما على اسس وقواعد مختلفة. فهذه الحوادث شكلت ايضا مؤشرات خطيرة من حيث اتخاذها طابعا طائفيا ولو ثمة جهد للقفز فوق العامل الطائفي الى عوامل اخرى سياسية او سواها. كما كانت حافزا لمطالبة جميع الدول بالانضمام الى مواجهة داعش على غرار ما يطلب من قطر وتركيا مثلا.

وتالياً فان جملة اسئلة اخرى تحفزها هذه التطورات المتمثلة في اتساع الهمجية التي يمارسها داعش في مقدمها ما اذا كانت ستكون نقطة تحول جذرية ان في المنطقة او بالنسبة الى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بناء على الحشد الذي سيكون في المؤتمر وتزايد المخاطر خلال الشهرين الاخيرين في الدول الغربية. ومن بين هذه الاسئلة اذا كان نجاح الضربات التي تلقاها داعش في كوباني في شمال سوريا واستعادتها على يد الاكراد مع البلدات المحيطة بها وتراجع التنظيم في بعض البلدات في العراق وعجزه عن التقدم بالوتيرة التي كان يقوم بها وإخفاقه في مناطق سيطرته هي وراء تصاعد اجرامه وتوسعه نحو الانتقام في الخارج. البعض يعتقد ذلك.