Site icon IMLebanon

قوى الأمن في عيدها.. والتحديات التي تواجه اللبنانيين؟!  

في ظل ظروف وأوضاع سياسية – اجتماعية – أمنية – اقتصادية ضاغطة وغير مسبوقة على هذا القدر من التردي – على المستويين الخارجي (الدولي – الاقليمي) والداخلي اللبناني – احتفلت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وبرعاية مباشرة من رئيس الجمهورية العماد (قائد الجيش الاسبق) ميشال عون، بالذكرى الـ156 لتأسيسها، في ثكنة الشهيد اللواء وسام الحسن في ضبيه.. وبحضور سياسي كثيف، كما وبحضور من سائر الأجهزة والادارات الرسمية..

سبق يوم الاحتفال موقفان، واحد لرئيس الجمهورية منوهاً بالدور الذي تقوم به قوى الأمن في المحافظة على الأمن في لبنان «الذي اذا فقد فقدت معه الحياة في المجتمع..» والثاني في «الأمر العام» للمدير العام اللواء عماد عثمان، الذي قرأ الواقع الداخلي بدقة وارتباطه بما يجري في المحيط الاقليمي حيث «البلد محاط بأخطر التهديدات.. وحيث لم يعد خافياً على أحد الوضع الذي تعيشه منطقتنا والجوار العربي بل بعض دول الغرب.. بعدما اخترق العنف والارهاب حدود الدول والقارات، وصارا يهددان كل ناح وناقوس الخطر يقرع أبوابنا والنار تتسلل الينا، دولة بعد أخرى..»؟!

ليس من شك في ان مفهوم الأمن، لم يعد محصوراً ببند واحد، وهو تشعب وتمدد وبات عنواناً للأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، والأمن الاقتصادي والأمن القومي كما والأمن الشخصي، الفردي.. وهذه مسألة تلقي على القوى الأمنية والعسكرية مهمات كبيرة ليس من السهل توفيرها بالكامل أياً كانت الدولة وأياً كانت قدراتها العسكرية والأمنية وغيرها.. بدليل ما يحصل في العديد من الدول الموصوفة بالرائدة والكبرى والمتقدمة في كافة المجالات.. وقد تركت تداعياتها على المستوى الكوني..

لا أحد ينكر، الأعباء التي تتحملها القوى العسكرية والأمنية وسائر أجهزتهما في الحفاظ على «الأمن والاستقرار في لبنان» الذي لايزال يمتاز عن سائر المحيط.. لكن المخاوف من خروقات، قد تتسع وهي تكبر يوماً بعد يوم مع انتشار السلاح غير الشرعي وعلى نحو غير مسبوق.. ولبنان يعيش حالة غير مسبوقة على هذا النحو من الخطورة في الجرائم الموصوفة بـ»الفردية» حيث لا يمر اسبوع واحد الا وتسجل فيه عدة جرائم قتل..

وعلى الرغم من الجهود والتضحيات التي تقدمها الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة، فإن لبنان لم يرق بعد الى مرتبة الحصانة الكاملة، وهو يودع كل يوم شهيداً، وقتيلاً وفي غير منطقة..

وبعيداً عن خطابات «التعبئة المعنوية» والشد على أيدي القيادات والعناصر، فإن هناك ثغرات كبيرة، لا بد من العمل على تداركها، وفي أسرع وقت ممكن، في طليعتها عديد القوى الأمنية، والعسكرية الذي لا ينسجم وحجم التحديات التي تواجه لبنان، على المستويين الداخلي والخارجي، وتزويد هذه القوى بما تحتاجه من معدات وتكنولوجيا وتدريب.. وعلى ما تدل الوقائع فإن المهمات الأمنية في الداخل، باتت في ضوء التطورات الخارجية أكثر صعوبة وتعقيداً وخطورة من المهمات الأمنية على الحدود على الرغم من ان الامساك بأمن الحدود لا يمكن التساهل به، او ادارة الظهر له، بعدما بينت الوقائع اعداداً كبيرة من الجماعات الموصوفة بـ»الارهابية» تسللت الى الداخل اللبناني، وعبر معابر عديدة، وشكلت «خلايا نائمة» مرتبطة بقيادات في الخارج وتنسق معها وتوفر لها كل الامكانيات لتفعل فعلتها عند اللحظة المطلوبة..

من المسلمات، أنه يستحيل فصل الأمن عن السياسة، كما وعن الاقتصاد والاجتماع والقضاء والظروف المعيشية والانماء والتربية.. فجرائم القتل والسرقة والمخدرات لم تأتِ من فراغ.. ويسجل على الدولة اللبنانية – المأزومة سياسياً، على خلفية عدم التوافق على قانون للانتخابات عصري حديث وعادل، يعيد للمواطن اللبناني حقوقه في اختيار من يتولى زمام أمور ادارته – انها قد تكون البيئة الأكثر نضوجاً لتخريج القتلة والسارقين ومدمني المخدرات.. والأكثر تخلفاً في تصحيح هذا الخلل القاتل واعادة تأهيل المتورطين في الجرائم..

تعطي السجون اللبنانية صورة واضحة عن هذا الواقع، وهي بدل أن تكون مركزاً لاعادة التأهيل والتربية الصحيحة، تبدو وكأنها أكثر أهلية لتعزيز الجريمة وتحصين المجرمين بسبب غياب المعالجات الحقيقية والصحيحة والسليمة وادارة الخدمات على النحو المطلوب.. ولقد زارت رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن سجن طرابلس وخرجت برؤية لافتة وجريئة «لمعالجة الاكتظاظ في السجون ومعالجة النقص في عديد شرطة السجون وتأمين اعادة تأهيل المساجين وفق المنهجية العالمية وتأمين دمجهم في المجتمع بعد الافراج عنهم.. واعدادهم للظروف التي سيواجهونها بعد انتهاء عقوباتهم واخلاء سبيلهم، لاسيما ما يتعلق بعلاقتهم مع محيطهم..» (للبحث صلة).

بعيداً عن الدعوات التي تزايدت في الأيام القليلة الماضية «لإعادة العمل بأحكام قانون الاعدام، ما دام هناك جريمة قتل متعمد..» فإن ذلك على أهميته لن يشكل سبباً كافياً لوقف الجرائم المتنوعة، طالما ان لبنان لم يرتقِ الى مستوى الدولة الوطنية – الجامعة – المانعة والتي تتعاطى بسوية مع سائر المواطنين والمناطق، على رغم وعي البعض لأهمية العمل «بالانماء المتوازن»، حيث غالبية المناطق اللبنانية تعيش تحت الخط الأدنى للفقر، وهي مهملة وعلى كافة الأصعدة، ولا يتذكرها السياسيون إلا في المناسبات من مثل الانتخابات..

الانسان بطبيعته لم يخلق مجرماً وقاتلاً وخارجاً على القانون.. وأهمية الدولة هنا بسائر اداراتها الأمنية والعسكرية والخدماتية والصحية والتربوية كما أهمية العائلة والمدرسة ان تعزز انسانية الانسان ولا تهمله وتدفع به الى ما هو أخطر من الخروج على القانون فحل العديد من الاشكالات واجب وهو «نتيجة للثقة والتقارب مع المحيط قبل تفاقمها وتحولها الى جرائم وأفعال جنائية..» على ما قال اللواد عماد عثمان..