غداة ليلة رأس السنة تبدأ الإحصاءات عما ساد تلك الليلة من حوادث وتطورات من جرَّاء صخبٍ أو سرعةٍ أو سهر، ثم تبدأ المقارنات مع دول أخرى، وتكون عادة المقارنات بعواصم عالمية…
الحمد لله كان لبنان في ليلة رأس السنة مثالاً يُحتذى به، إلى درجة يمكن الحديث عن إمكان دخوله في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لجهة صفر مشاكل سواء في الإحتفال الكبير في ساحة النجمة، أو في احتفالات المناطق.
لكن هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، إنه وليد المعطيات التالية:
سهر القوى الأمنية من جيش وقوى أمن وأمن عام وأمن دولة على راحة الساهرين وطمأنينتهم. فقد جال القادة العسكريون والأمنيون على مختلف المراكز والمناطق:
بدءاً من المطار وصولاً إلى المصنع، وما بينهما من مراكز.
لم يقتصر الأمر على الإنتشار بل ساد التنسيق بين كل هذه القوى، هذا التنسيق أتاح سهر أكثر من خمسين ألف شخص في ساحة النجمة من دون أن تحصل ضربة كف، وحين نتحدث عن خمسين ألف شخص فهذا يعني الحديث عن نحو عشرين ألف سيارة وأكثر وعن مواقف وعن تنظيمها وعن العمال والموظفين في المطاعم والمقاهي في وسط بيروت. كل ذلك حصل ولم يشعر أحد بأية مضايقة على رغم أنَّ الأمطار دهمت الساهرين.
***
ماذا يعني كل ذلك؟
يعني أولاً، أنَّ الفرح شرط الإستقرار، فمن دون فرح لا معنى للإستقرار، وإلا يصبح استقرار الموت والقبور… الفرح يجعل الناس يتجاوزون كل مصاعبهم حتى ولو لفترة قصيرة، وهذا ما حدث ليلة رأس السنة حيث الناس من كل حدب وصوب التقوا في ساحة النجمة في وسط بيروت وعاشوا لحظات الفرح بأحلى حللها مطمئنين إلى أنَّ عيناً ساهرة تسهر عليهم.
***
أكثر من ذلك فإنَّ قوى الأمن الساهرة على الطرقات، ابتكرت طريقة فريدة من نوعها لإرغام جميع السيارات أن تسير ببطء وأن لا تستطيع السرعة حتى لو شاءت، والفكرة المبتكرة تقوم على أن تسير دورية من قوى الأمن الداخلي، بسرعة بطيئة، أمام السيارات على الأوتوسترادات، فيظهر الأمر وكأنَّ هناك ازدحام سير ما يرغم جميع السائقين على التمهّل في القيادة. وهذا التمهّل يجعل السرعة صعبة ما يتيح قيادة آمنة لا سرعة فيها ولا تهور.
***
هذه الإجراءات أتاحت عبوراً سلساً من السنة الراحلة إلى السنة الجديدة، وهذا ما يجعل الشكر إلى القوى الأمنية من الأمور البديهية والتي لولاها لكان تمرير الإحتفالات أكثر صعوبة.
وفي المحصِّلة، شكراً لمن عمل لكي يحتفل الآخرون.