Site icon IMLebanon

الأمن يتخبّط… بين “فاجعة” التهريب وكارثة “الكورونا”

 

يدخل الوضع الأمني كعامل ضاغط على الساحة اللبنانية في زمن الأزمات الوبائية والاقتصادية والإجتماعية والسياسية.

 

لا شكّ أن الأمن ممسوك إلى حدّ ما ولا تشهد البلاد هزات كبرى بالتوازي مع الإنتكاسات السياسية والإقتصادية والصحية، لكن هذا الأمر لا يدعو إلى الإطمئنان لأن الأوضاع قد تتفلّت بأي لحظة.

 

وتعتبر عوامل التفجير أكثر بكثير من عوامل الإستقرار، فمن جهة هناك غياب التوافق السياسي الذي يؤمّن الغطاء المناسب لعمل الأجهزة، ومن جهة أخرى هناك الاوضاع المتفجّرة في المنطقة، إن كان في سوريا او العراق أو على الحدود مع إسرائيل. أما المعطى الأخطر فهو إنسداد أفق الحلّ الإقتصادي واتجاه البلاد نحو ما يشبه مجاعة جماعية.

 

وأمام كل هذه المعطيات، تقف الأجهزة الأمنية أمام تحديات كبرى، وهذه التحديات لا تقع على عاتق الجيش وحده بل تطال كل الأجهزة من قوى أمن داخلي إلى أمن عام إلى أمن دولة، وكل حسب إختصاصه.

 

وقد شكّل الإجتماع الأمني الأخير الذي عُقد لمناقشة أزمة “كورونا” مناسبة لوضع الأجهزة الجميع أمام مسؤولياتهم وعدم رمي تهم الإستهتار بصحة الناس وعدم تنفيذ ضوابط على عاتق القوى الأمنية فقط، فقادة الاجهزة أكّدوا أن التنسيق بين بعضهم يسير على قدم وساق في كل الملفات، إنما ضبط تفلّت “كورونا” يتوقّف على وعي المجتمع أولاً ونشاط الجسم الصحّي وباقي مؤسسات الدولة، وتأمين البديل للمواطنين، “فلا يمكن لأي عنصر أمن إطلاق النار على مواطن خرق التعبئة لسبب ما، أو إنه يريد العمل في زمن الإغلاق ليؤمن لقمة عيش عائلته”.

 

ويسبّب الواقع الأمني إحراجاً للقوى الامنية حيث لم يترافق الإغلاق برزمة مساعدات للعائلات الفقيرة مثلما يحصل في معظم الدول ما يُصعّب قدرة الأجهزة على قمع المخالفات، إذ إن المسؤولين الأمنيين يشددون على أن العناصر الأمنية هي من الناس ومع الناس ولا يمكنها أن تكون قاسية في بلد يعاني شعبه الفقر، لكن على رغم ذلك فانها تطبّق القرارات الصادرة ومبدأ الإغلاق من أجل مكافحة تمدّد كورونا.

 

وأمام فيديوات التهريب التي تنتشر على المحطات ووسائل التواصل الإجتماعي، تقف الأجهزة الامنية أمام مسؤوليات ومهمات جديدة، لكن مصادر أمنية تؤكّد أن الأجهزة تحاول فعل كل شيء من أجل وقف التهريب، إذ هناك حدود لبنانية- سورية كبيرة وواسعة ولا توجد أي خطّة لدى السلطة السياسية من أجل ضبطها، بل جلّ ما تقوله للأجهزة “إفعلوا ما ترونه مناسباً”.

 

وتشير المصادر الى ان الجيش يقوم بمهمات على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وينتشر في الداخل لمؤازرة القوى الأمنية، وبالتالي فان ضبط الحدود يحتاج أولاً إلى غطاء سياسي ورفع الحمايات وإتفاق الجميع على هذا الأمر، في حين أن تحميل الأجهزة لوحدها مسؤولية عدم ضبط المعابر ليس صحيحاً، لأن كل الناس تعرف الحقيقة وتعرف ماذا يجري في الكواليس ومن هي الجهات التي تحمي المهربين من لحظة حصولهم على البضائع حتى وصولهم الى البقاع وعبورهم الحدود وصولاً إلى دمشق.

 

وفي السياق، فان استمرار التهريب يستنزف ما تبقى من عملات صعبة في مصرف لبنان ويدفع لبنان أسرع نحو الكارثة الإقتصادية، مما يتطلب قراراً سريعاً بضبط الحدود وعدم تفضيل بعض القوى المحور الإقليمي على مصالح الشعب اللبناني وقوته اليومي.