مصادر دبلوماسية عربية تحذِّر من تداعيات الشغور في قيادة الجيش
ليس هناك ما يؤشر بعد التطورات الأمنية الخطيرة التي شهدها لبنان، إثر جريمة الكحالة وما سبقها، أن الأمور ذاهبة إلى الانفراج، لا بل على العكس من ذلك، حيث تشير المعطيات إلى أن الأزمة مرشحة لمزيد من التعقيد، بعدما رفعت المعارضة سقف التحدي، ووجهت رسائل شديدة اللهجة إلى «حزب الله»، محملة إياه مسؤولية جريمة الكحالة، ومطالبة بمصادرة سلاحه، وهو أمر رد عليه الحزب بشن حملة مضادة تستهدف معارضيه، وتحديداً «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، واتهامهما بالعمل لجر البلد إلى حرب أهلية.
وقد حذرت مصادر معارضة بارزة من خطورة الأسلوب التهديدي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله»، والاتهامات التي وجهها لعدد من وسائل الإعلام، معتبرة أن «الحزب يعمل وفق قاعدة أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، ولذلك فهو يصوِّب باتجاه الوسائل الإعلامية التي تكشف ممارساته بحق اللبنانيين، ويعمل على مهاجمتها، لإخافتها ودفعها إلى عدم انتقاده». وشددت على أن المعارضة ستكون صفاً واحداً في مواجهة مخططات حزب الله الرامية لوضع اليد على البلد».
وقد بدا واضحاً، وفي إطار رفع السقف ضد مخططات «حزب الله»، وبعدما بلغت الأمور حداً لا يمكن السكوت عنه، تشير أوساط معارضة، إلى أن «لا مجال لأي مهادنة في المرحلة المقبلة مع هذا الفريق الذي أوصل لبنان إلى جهنم»، وكان من الطبيعي أن ترفع القوى المعارضة من وتيرة تصعيدها في مواجهة الحزب، وأن تؤكد أنه «آن اوان الحسم ولم يعد هناك اي مجال لإضاعة الوقت، او الى ترتيب تسويات ظرفية تعيد انتاج سيطرة حزب الله على الرئاسات الثلاث والبلد، بل بات لزاماً على قوى المعارضة كافة التحري الجاد عن سبلِ تحقيق سيادة الدستور والقانون وصون الحريات على كل الاراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة بقواها العسكرية الشرعية، وعن طرق الوصول الى سياسة خارجية تعتمد الحياد حماية للبنان، وإيجاد سبل لانقاذ القضاء والادارة والاقتصاد والوضع المالي واصلاحها». وهذا برأيها بات مطلباً لكل السياديين الذين يرون خطراً محدقاً بلبنان وشعبه، في ظل إصرار «حزب الله « على أخذ البلد رهينة، وعدم وضع مصلحة اللبنانيين فوق أي اعتبار.
وتطرح الأوساط المعارضة ظلالاً من الشك حول جدية الموالاة في الاستجابة لمساعي الحوار الذي تقوده فرنسا، وإن رحب نواب المعارضة بـ«المساعي التوفيقية التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وتقدير أي مسعى يأتي من اصدقاء لبنان»، مشيرين إلى أنه، «اصبح جلياً، عدم جدوى اي صيغةِ تحاورٍ مع حزب الله وحلفائه. فاعتماده على الامر الواقع خارج المؤسسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة اليها عندما يضمن نتائج الآليات الديمقراطية بوسائله غير الديمقراطية فرضا وترهيبا وترغيبا والغاء، كي يستخدمها لحساب مشروع هيمنته على لبنان،». وتؤكد الأوساط أن «الحزب يعمل بكافة الوسائل من أجل إيصال مرشحه سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، ولهذا أعاد مد الجسور مع «التيار الوطني الحر» ورئيسه، بهدف السعي من أجل استمالته للتصويت لفرنجية، وتأمين الغطاء المسيحي لهذه الخطوة. وحتى لو تطلب ذلك استجابة «حزب الله» لبعض مطالب باسيل التي تقدم بها، والتي كانت مرفوضة في السابق».
وفي حين يثير ما يحصل في لبنان قلقاً بالغاً على الصعيدين العربي والدولي، فإن التداعيات للجرائم التي جرت، تنذر بما لا يحمد عقباه، حيث أن مجريات التطورات الأمنية مقلقة للغاية، في حال اتساع نطاقها، ولم تتخذ الإجراءات المطلوبة لكل هذه الظواهر المخلة بالاستقرار الداخلي، إذا بقي الوضع على ما هو عليه. فلبنان فقد الكثير من مناعته، ولم يعد قادراً على تحمل المزيد من الانهيارات التي طالت كل شيء. وأيضاً لم يعد هناك ما يطمئن في ظل تمدد الشغور إلى معظم المؤسسات. وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية أن يمتد الشغور إلى قيادة الجيش، مع إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد في كانون الثاني المقبل، وهو ما حذرت منه مصادر دبلوماسية عربية، لأنه سيترك انعكاسات بالغة السلبية على لبنان واستقراره.
وعلمت «اللواء» أن هناك مطالبات من جانب عدد من القوى السياسية وفي مقدمها اللقاء الديمقراطي لتعيين رئيس جديد للأركان، ليتسلم قيادة الجيش وكالة، في إحالة القائد عون على التقاعد، في حال لم ينتخب رئيس جديد للجمهورية. وإن كانت الجهود العربية منصبة لإنجاح حوار أيلول، كي يكون للبنان رئيس جديد يأخذ على عاتقه، ملء الشواغر في المؤسسات الرسمية، وتحديداً حاكمية مصرف لبنان ومن بعدها قيادة الجيش، إضافة إلى العديد من الوظائف الشاغرة، لكي يستقيم عمل المؤسسات، وتعود دورة الحياة إلى طبيعتها.