قد يكون من السابق لأوانه الحكم على ما ستؤول اليه الانتخابات النيابية المقررة في السادس من ايار المقبل، وقد خطا الافرقاء السياسيون، الموصوفون بـ»الاساسيين» خطوات متقدمة على طريق اعلان الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة..
وبالتقاطع مع التحضيرات المطلوبة لاعلان لوائح المرشحين في المدة الزمنية المطلوبة، والتي تنتهي في الرابع والعشرين من الجاري.. فإن الانظار تتجه الى ما ستكون عليه «التحالفات الانتخابية» المطلوبة ليصار الى تسجيلها في وزارة الداخلية قبل السادس والعشرين من الجاري، لتبدأ الداخلية اجراءاتها العملية لجهة طبع اللوائح في أوراق رسمية تسلم للمقترعين داخل اقلام الاقتراع يوم الانتخاب..»؟! على ما قيل..
ليس من شك في ان لبنان، يمر بمرحلة بالغة الأهمية والدقة، وقد تكون في نظر كثيرين في امتحان جدارة وكفاءة، على الرغم من الاصوات والمواقف التي بدأت تشكك بنزاهة هذه الانتخابات، وما ستكون عليه وما ستؤدي اليه.. وكل فريق، من الافرقاء السياسيين يتطلع لأن تكون لديه في المجلس الجديد أكثرية معينة تضمن له الامساك بأي قرار، او على الأقل تمنع مرور أي قرار لا ينال موافقته، خصوصاً، وقد تكون هي من المرات القليلة، التي يتطلع فيها الخارج الى هذا الاستحقاق، ولبنان على أبواب مؤتمرات دولية بالغة الأهمية على حاضر لبنان ومستقبله.
لقد أعلن الرئيس سعد الحريري أسماء مرشحي ومرشحات «المستقبل» في كل الدوائر الانتخابية في احتفال نظمه مساء أول من أمس في مجمع «البيال» وسط بيروت.. وقد غابت أسماء وحضرت أخرى، قد يكون من الصعب الحكم النهائي عليها.. والكرة، او «الخرزة الزرقاء» في أيدي الناخبين ليقولوا كلمتهم النهائية – في ضوء البرنامج الانتخابي الذي ورد في كلمة الرئيس الحريري – وقد أكد «ان اتفاق الطائف أساس العيش المشترك، والحوار هو السبيل الوحيد لمقاربة الخلافات السياسية، والاستقواء بالفوضى والسلاح والاصطفاف الطائفي لبت الخلافات عنوان لفشل الدولة..» رافضا «التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية..» ومشدداً على «ضرورة التأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة وعلى موجبات التضامن الوطني لمواجهة الاطماع الاسرائيلية..».
هي «خارطة طريق» على ما قلنا في «وضح النهار» أمس الاثنين.. لكن من المفيد جداً التذكير بأن التصفيق لا يكون بيد واحدة، وان «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان». الامر الذي يستدعي الوقوف انتظاراً لما ستكون عليه التحالفات، وبدأت الخطوط العريضة تتضح يوماً بعد يوم، والكل ينتظر ما ستكون عليه ترشيحات «التيار الوطني الحر»، وترشيحات «القوات اللبنانية»، وهي – تحالفات «المستقبل» – وان كانت قريبة جداً من «التيار» فإن التباسات عديدة تحيط بتلك مع «القوات».. حيث يرى العديد من المتابعين، وفي ضوء ما يصدر من مواقف عن قيادات في «القوات» ان المفاوضات متعثرة، وفرص نجاحها ضئيلة جداً في احداث خرق واسع ولافت على مستوى الساحة اللبنانية.. وأكثر ما يمكن ان تصل اليه هو «التوافق « على بعض الدوائر.. خصوصاً وان اللقاء الاخير الذي حصل بين الوزير غطاس خوري موفداً من الرئيس سعد الحريري وبين سمير جعجع شكل صدمة لعديدين، و»المستقبل» لايزال ينتظر موقف «القوات» من العديد من العناوين، خلاف «التحالف» المعلن بين «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي في منطقة الشوف – عاليه.
تستفيد «القوات اللبنانية» الى أقصى الحدود من تداعي العلاقات بين قيادات «التيار الوطني الحر» (خصوصاً الوزير جبران باسيل) مع العديد من الافرقاء السياسيين، وفي مقدمهم أحد أبرز «الثنائي الشيعي» الرئيس نبيه بري – الذي يشدد على أهمية وضرورة وحيوية العلاقة مع الرئيس الحريري.. ومع ذلك، فإن في رأي عديدين، فإن أبواب التحالفات المطلوبة ليست مفتوحة على مداها، وأن العديد من الفرص ضاعت في متاهات السجالات والاشتباكات السياسية والاعلامية التي عادت الى الواجهة من جديد..
وخلافا لما يراه البعض، فإن «حزب الله» ينظر بقلق الى ما آلت اليه العلاقات بين قيادات «التيار» وبين قيادات «أمل».. وهو لم يوفق في مساعيه ضبضبة الوضع، وإن كان البعض يرى ان هذا التصعيد من قبل قيادات «التيار» حاجة وضرورة انتخابية ويصب في مصلحة «التيار» في العديد من الدوائر الانتخابية.. ويتوقع عديدون ان ترتفع حدة السجالات السياسية بين «التيار» و»أمل»، بالنظر الى ان التيار» يسعى الى رفع مستوى شعبيته، وبالتالي الحاصل الانتخابي ما يعزز لديه فرصة قضم الحد الأقصى من المساحة على الساحة المسيحية تمهيداً للمراحل اللاحقة.. وذلك بصرف النظر عن فعالية ما قاله البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة (أول من أمس الاحد) في الصرح البطريركي في بكركي وقد عبر فيه عن «مرارة واسف» لـ»ان يتبارى المسؤلون عندنا في تراشق التهم، وانتهاك كراماتهم بشكل متبادل غير آبهين لما تترك من اثر سلبي في أجيالنا الطالعة..؟!.
أيام فاصلة وخيارات لا بد وان تنتهي الى ما يمكن وضعه بـ»التسويات» السياسية، وهي القاعدة المعتمدة في السياسة اللبنانية، وعند كل استحقاق، رئاسي، حكومي ونيابي وغير ذلك فالحديث عن قيام الدولة وبنائها مليء بالعناوين والشعارات.. لكن العبرة هي في الأعمال، حيث العمل يبين ما اذا كانت لمصلحة الدولة والشعب أم لمصلحة هذا الفريق السياسي او ذاك.. خصوصاً وأن المعادلات الخارجية (الدولية – الاقليمية – العربية)، تتطلع الى لبنان المستقبل، كل بحسب مصالحها وحاجاتها.. وقد أظهرت التطورات المتلاحقة منذ أواخر العام الماضي، الحاجة الى أوسع مشاركة في الانتخابات، ليس فقط «كاستفتاء» على شعبية هذا الفريق او ذاك، بل من أجل الامساك بعصم القرارات وعدم احتكار فريق معين الغالبية المطلوبة..