IMLebanon

مسلسل الفضائح «يفضح» هشاشة الدولة

مع تواصل الاجراءات العقابية العربية بحق «حزب الله» وآخرها من القمر الصناعي المصري «نايل سات»، ومع مخاطر جرّ لبنان اكثر فاكثر الى صراعات مفتوحة مع الدول الخليجية، يتوالى مسلسل الفضائح المحلية مطاولا جوانب مختلفة من الحياة اليومية للبنانيين، بما يدلّ على مدى الهشاشة التي اصابت جسم الدولة في لحظة تقاطع اقليمي دقيق لم تنكشف بعد بوضوح مآلاته.

ويبدو «حزب الله» متمسكا بتعنّته في الانخراط العسكري الى جانب بشار الاسد. فمجددا تبجح رجله الثاني الشيخ نعيم قاسم بفعاليته في هذا المجال الذي لولاه «لكانت داعش في بيروت والضاحية وجونية والشمال وفي كل مكان في لبنان»، مشددا على ان حزبه باقٍ في سوريا «ما دام هناك حاجة».

وتزامن ذلك مع آخر الاجراءات العقابية العربية بحق الحزب، اذ اوقف «نايل سات« بث قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» لان مضمونها «مثير للفتن»، وهو الاجراء الذي لن يغير فعاليته اعتبار مدير عام المحطة ابراهيم فرحات بانه نتيجة «الخضوع للضغوط الخليجية». 

فالاجراءات العقابية التي انطلقت مع تصنيف الحزب «ارهابيا» لم تتوقف مع ابعاد مناصريه عن دول الخليج بل طالت لبنان كدولة مع منع مواطني هذه الدول من زيارته. وفي ظل غموض مأزق الاجراءات اللاحقة يربط سياسي سيادي مخضرم امكانية استمرار الحكومة «بالسير بين النقاط» بنجاحها في عزل انعكاسات الاجراءات العقابية عن المصلحة العليا. ويتساءل عما يمكن ان يكون عليه افق الازمة «فالمأزق يجر لبنان الى الانهيار ومواجهته قد تقود الى تفجر العنف» ويضيف أن «حجة الحفاظ على الاستقرار تساعد على اهتراء الدولة» لانها عمليا تسمح للحزب بالامساك تدريجيا بكل مفاصلها.

الفضيحة الاولى والاهم فضيحة تعطيل «حزب اللله» كل مساعي ملء الشغور الرئاسي، وقد بات على عتبة اكمال عامه الثاني، بغض النظر عما يتلطى خلفه من ادعاء التزام «اخلاقي» مع النائب ميشال عون عبر مقاطعة البرلمان حتى يتأكد من موافقة الجميع على ايصاله الى الرئاسة.

وبقيت كل الدعوات الدولية لملء الشغور الرئاسي مجرد اصوات صارخة في البرية ولم تلق اي صدى، اسوة بكل الجهود التي يبذلها خصوصا الرئيس سعد الحريري، محليا وخارجيا، اذ ثمة استحالة لانتظام للمؤسسات في حال استمرار الفراغ متربعا على كرسي الرئاسة الاولى.

وتوالي ملفات الفساد يفيد في حرف النظر عن الشغور الرئاسي خصوصا مع مدى هشاشة الدولة التي تبدو عاجزة عن المحاسبة، بحيث تبقى الطاسة ضائعة غالبا تحت شعار «تسييس الملفات» التي توحي بضغوط على بعض القضاة، كما يذكر النائب وليد جنبلاط، وبتورط اطباء وعناصر اجهزة امنية. فـ«الدولة لا يمكن ان تستمر في هذا المسار الانحداري من الفساد» كما يقول وزير الصحة وائل ابو فاعور.

فمنذ قضية النفايات التي انكشفت قبل نحو ثمانية اشهر ومسلسل الفضائح الذي يثير الاشمئزاز يتواصل. فقد خرجت الى العلن خلافات التفتيش المركزي، وانكشفت شبكات الانترنت غير الشرعي والاختلاسات في قوى الامن الداخلي، وثار اللغط حول القمح المسرطن ونقله من الاهراءات الى المطاحن ليلا في شاحنات تنقل النفايات نهارا، وصولا الى الكلام الرسمي عن قصور في امن المطار ومؤخرا فضح شبكات الدعارة والاتجار بالبشر.

ويلفت المصدر الى مدى خطورة الوضع المؤسساتي الهش خصوصا وان المفاوضات لحل سياسي في سوريا تبدو وكأنها تراوح مكانها مع تعنّت النظام في المطالبة بأن يكون محورها «حكومة وحدة وطنية« بدل «هيئة حكم انتقالي« كاملة الصلاحيات. كل ذلك وسط مناخ التنسيق الاميركي – الروسي الظاهر للعيان من دون ان يخفي استمرار الخلاف على مصير الاسد.

وقبل ايام معدودة على استئناف مفاوضات جنيف المتوقعة الاثنين المقبل اعلنت ايران عزمها على ارسال قوات خاصة الى سوريا لمساعدة النظام في الحفاظ على المكتسبات الميدانية الاخيرة، بما يسمح بطرح سؤال عن مدى ارتياح الاسد والمرشد علي خامنئي لشفافية دور روسيا التي تنسق مع ايران من جهة وتسعى الى تحسين علاقاتها بالرياض من جهة اخرى.