برزت في الآونة الأخيرة نقاشات داخل أوساط عسكرية رفيعة المستوى في إسرائيل عكست بداية تحول في السياسة الإسرائيلية إزاء التدخل الروسي في سوريا، وبصورة خاصة التحالف مع الإيرانيين لمحاربة تنظيم “داعش” هناك.
النقطة المهمة الأولى التي تجذب الانتباه التحذيرات التي وجهها كلُ من وزير الدفاع موشيه يعلون من خلال مداخلته في مركز صبّان الأسبوع الماضي، ورئيس أركان الجيش غادي إيزنكوت في ندوة مغلقة عُقدت في إسرائيل، من تخلي الولايات المتحدة عن القيام بدور أكثر فاعلية في الحرب ضد “داعش” في سوريا وافساحها في المجال لتعاظم الدور الروسي و”المحور الشيعي” بقيادة إيران والذي يشكل خطراً ملموساً على إسرائيل أكبر من خطر “داعش”.
تعكس هذه التحذيرات مخاوف إسرائيل من نتائج التدخل العسكري الروسي في سوريا على رغم التفاهم بين الطرفين المتعلق بنشاط سلاح الجو الروسي بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وثمة اقتناع بدأ يتبلور داخل إسرائيل بأن الانجازات العسكرية التي حققها التحالف في سوريا ستؤدي حتماً الى تقوية محور إيران – “حزب الله” الأمر الذي يهدد إسرائيل مباشرة. الى جانب تخوف الإسرائيليين من امكان أن يغلّب الروس على الأمد البعيد مصالحهم وتحالفهم مع الإيرانيين على تفاهماتهم مع إسرائيل. صحيح أن خطر البرنامج النووي الإيراني لم يعد في طليعة المخاطر التي تتهدد إسرائيل، لكن تعزيز إيران مواقعها في سوريا عبر وجودها العسكري البري على الأرض المدعوم من الطيران الروسي بدأ يتحول الى مصدر قلق حقيقي. ويبدو ان الهدف الذي تسعى اليه إسرائيل الآن هو الحؤول دون أن تؤدي الحرب على تنظيم “داعش” الى تعزيز قوة ما يسميه الإسرائيليون “المحور الشيعي الراديكالي”، والسعي الى اقناع الأميركيين بأن محاربة الراديكالية السنية المتمثلة بـ”داعش” يجب ألا توقف الحرب على الراديكالية الشيعية.
النقطة الثانية في مواقف المسؤولين الإسرائيليين تشديدهم على انه من دون عملية برية واسعة النطاق ضد “داعش” لا مجال للانتصار في الحرب عليه. وهذا في رأيهم لا يمكن أن يحصل بالاستعانة بقوات الحرس الثوري الإيراني التي دخلت سوريا في أيلول الماضي، ولا بقوات “حزب الله”، كما من الصعب ان ترسل روسيا قواتها البرية، لذا فالمطلوب دور أميركي فاعل لتسليح قوات كبيرة محلية سنّية وقيادتها في الحرب على “داعش”.
دعوة إسرائيل الولايات المتحدة الى دور فاعل أكبر في الحرب على “داعش” مؤشر لعدم ثقتها بالدور الذي تلعبه روسيا حالياً وعلى تخوفها من انعكاسات التحالف الروسي – الإيراني عليها مستقبلاً.